عبدالله الخزمري ... يشعْرن الحكمة - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-18-2009, 01:59 AM   #1
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

الصورة الرمزية محمد مهاوش الظفيري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 725

محمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي عبدالله الخزمري ... يشعْرن الحكمة


توطئة :


الحكيم ليس ذلك الإنسان القادر على إرضاء الجميع , لأن رضا الناس غاية لا تدرك كما يقولون . وعلى هذا الأساس فالحكيم , هو ذلك الرجل العالم الفقيه العادل العارف بتفاصيل الأمور , وكما تقول بعض القواميس اللغوية أن معنى الحكمة كما في لسان العرب " معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم , ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها : حكيم " كالطبيب مثلاً . وعلى ضوء هذا الفهم , فإن الحكيم هو ليس ذلك الإنسان المداهن الليّن المساير للآخرين وفق ما يريدون , رضوخًا عند سياسة الأمر الواقع .
من خلال هذا العرض البسيط للبعد اللغوي لهذه الكلمة , فإن الحكمة تعني , التعامل المرن مع الواقع دون إفراط أو تفريط , وإعطاء كل ذي حق حقه .
إذن , فالحكمة هي قول موجز بليغ , صيغ بعبارات لغوية مختزلة , محكمة التركيب , تعبر عن رأي صاحبها في الحياة والناس . وقد فرّق الإمام السيوطي في كتابه المزهر بين الحكمة والمثل , بأن الحكمة لم تُعرف بين الناس , بينما المثل , هو الذي سار وانتشر وتناقلته الأفواه . مع العلم أن هناك شروطًا للتفريق فيما بينهما ليس هذا مجال للحديث عنهما , كارتباط المثل بحادثة قصصية معينة على سبيل المثال
هذا الفهم يقودنا للحديث عن الفلسفة , باعتبار أنها علم الحكمة , والبحث عنها عن طريق الاستقصاء المعرفي , هذه الحكمة النابعة من الفلسفة رفضت الشعر منذ زمن سقراط الذي دعا أهل بلدته في زمانه إلى الابتعاد عن الخيال الشعري , ودعاهم إلى عدم إتباع الشعراء . وقد تأثر بهذا الفكر إفلاطون من بعده , الذي طرد الشعراء خارج أسوار جمهوريته الفاضلة مبقيًا الشعراء الذين يتغنون بإنجازات الفلاسفة والعسكر والنبلاء , معللاً هذا الطرد بأن الشعر يهيج العواطف ويثير الغرائز .
إن هذا الطرد مؤشر على فهم إفلاطون الحقيقي للشعر بأنه تعبير تصويري لخلجات النفوس , وهو يتنافى مع صوت العقل الذي يدعو له في نظرياته . أما التعامل مع الحكمة في الشعر , فهي ليست نابعة من فلسفة معزولة عن ذات الشاعر , بقدر ما هي انعكاس للتجارب الواقعية المعاشة التي صاغها الشاعر بقالب شعري , وهو ما سأسميه هنا بتشعير الحكمة أو شعْرنة الحكمة , لأنها تعكس تجارب الشاعر النفسية أثناء تماسه مع ظروف الحياة المعاشة


شعْرنة الحكمة , أو تشعير الحكمة

الحكمة في الشعر نابعة من الإدراك والرؤية . وهذه العلاقة الأزلية أو شبه الأزلية بين الطرفين , قلما تجتمع لشاعر . وذلك أن الإدراك مرتبط بالعقل , بينما الرؤية لها علاقة بالتطلع , أي الحلم , والذي أوضحه الناقد العربي القديم , أبو حازم القرطاجي المتوفى بالقرن السابع الهجري من أن الشعر وسيلة للتخيل . وهنا يختلف التميز بين الشعراء حول مسألة شعْرنة الحكمة , والعمل على سكبها بالروح الشاعرية الكفيلة بمنح هذه الحكم الفضاء الشعري المطلوب . لذا فالحكمة , منها ما هو متعلق بالأمور العقلية المرتكزة على المنطلق والدليل والبرهان , ومنها ما هو متعلق بالموقف الذاتي من الحياة , وإن كان خالف المنطق والعقل , وإنما تتطابق مع نوازع النفس البشرية . فالنوع الأول من الحكم , نوع معاد ومكرر , وقد كثر الحديث عنه , غير أن الصياغات الأسلوبية بين الشعراء تختلف من شاعر لشاعر , وفيه تفريغ للشعر من محتواه الروحي . أما النوع الثاني , فهو من إبتداع الشعراء , وإن خالف الجميع , لأن فيه نظرة ذاتية تخص الشاعر دون سواه
وأنا في هذه الورقة سأسعى إلى الحكمة المعتمدة على التنظير الافتراضي في تجربة الشاعر عبد الله الخزمري , التي تبتعد عن التطبيق العلمي والتحليل الفلسفي , القائم على البرهان وقرع الحجة بالحجة , لأن هذا النوع يفسد الشعر , كما قال الجاحظ في البيان والتبيين : " القصيدة إذا كانت كلها أمثال لم تسر , ولم تجرِ مجرى النوادر " . لهذا سأبتعد عن هذا النوع , لأن مثل هذا الاتجاه فيه توجيه غير منصف للشعر , وحشره ضمن سياق المنطق , وهناك رأي سائد بين العاملين في هذا المجال أن الحكمة مرتبطة بالمنطق وتتعامل مع العقل , , وفي هذا التعامل إقلال لمنسوب الشاعرية في نصوص الشعراء , لهذا سيكون التوجه هنا إلى الحكمة من حيث كونها علاقة خاصة تعني الشاعر , ومرتبطة بالذاتية لديه



عبد الله الخزمري ... حديث الكلمات :


من يقرأ قصائد الشاعر يجد أن الحب مسيطر على الجو العام لهذه التجربة , لاسيما المتصل بالنظر الإشكالي إلى واقع التعايش مع الظروف الاستثنائية التي يمر بها الشاعر . لهذا كان الحب لديه بوابة الدخول في حركة هذا التنظير المتوافق مع الحكمة

يقول الشاعر :


[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

ضيعت مستقبلي مـن شـان رعبوبـه=واليوم راحت لأبو المستقبـل الزاهـر

ضيعـت ثنتيـن مستقبـل ومحبـوبـه=ويا شينها يا ملا جرحيـن فـي خاطـر

لو كل عاشـق لقـى شفـه ومطلوبـه=كان البلد مـا خلـق فيهـا ولا شاعـر

[/poem]

الموقف من الحب موقف أزلي ممتد على امتداد التجربة الإنسانية , غير أن هذا الموقف من الوجهة النظرية الصرفة لا يعنيني في هذا الموضوع , فما يعنينا ويلفت أنظارنا , هذا الموقف الإنساني الذاتي المصاغ بطريقة جمالية . فالشاعر تكلم عن ضياع مستقبله من أجل " رعبوبة " وهي الفتاة الجميلة , لكن هذه الفتاة قد تركت الشاعر نتيجة للظروف , لهذا يعلن الشاعر إحساسه بالخسران وضياع الحب والمستقبل , مما دفعه هذا الموقف إلى إصدار هذا الرأي الخاص به

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] لو كل عاشـق لقـى شفـه ومطلوبـه=كان البلد مـا خلـق فيهـا ولا شاعـر[/poem]

حتمًا لا يعنينا أن يبرهن الشاعر على هذا الرأي , لأنه رأي نظري افتراضي خاص بالحالة التي يمر بها , ومرتبط بتجربة الشاعر الذاتية , لهذا كان هذا الموقف الذاتي هو بمثابة إعادة صياغة لتشكيل واقع الشاعر , لكن بطريقة لا تخلو من استخفاف وسخرية

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] ويا ليتنـا ماكبـرنـا يــوم حبّيـنـا=يا ليت من حبّ مـا يستعجلـه عمـره![/poem]

الحب هاجس عظيم ينتاب العلاقات الإنسانية , فهو نعمة عظيمة أوجدها الخالق في عباده , خاصة بالنسبة لكلا طرفي هذه المعادلة , وهما الرجل والمرأة . فبالحب تتهذب الطباع وترتقي العلاقات , ويكون للحياة معنى وقيمة , هذا من جانب , لكن الشاعر لم يهتم بهذا الجانب رغم أهميته , وذلك أنه مشغول التفكير بما هو أهم في نظره , وهو الإحساس المرعب من سطوة الزمن على المحبين , وإحساس كلا الحبيبين بشيخوخة الحب في داخله , لهذا يطلق الشاعر هذا التنظير الجدلي الافتراضي , والذي لن يصل به إلى شيء بقدر ما يفتح هذا التساؤل المعجون بالتمني الفضاء الروحي للشاعر للسفر بعيدًا في خياله وراء هذا التصور الشخصي الأحادي , وهو تمني أن يقف الزمن للاستمتاع بهذه الأجواء من ناحية , ومن ناحية أخرى حتى لا يتسلل الزمن لتشتيت شمل المحبين , وانطفاء وهج الحب فيما بعد في النفوس

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] عصفور أنا أعشق سنبلـة=والحظ - فـلاحٍ بخيـل![/poem]

نلاحظ هذا التلازم مع الحب , هذا الحب المحكوم عليه بالفشل , والشعور بالإفلاس والتشظي , الأمر الذي انعكس على علاقته الذاتية مع المجردات من حوله كالزمن مثلاً , وكذلك على الحظ المقرون بالتوفيق " ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم " . فها هو الحظ يقف أمامه عائقًا مما يريد تحقيقه أو الوصول إليه

لقد صوّر نفسه بالعصفور العاشق للسنابل , أي الطبيعة الجميلة بشكل أوسع , ولولا الأشجار والسنابل ما كان للعصافير أي معنى , فهي لا تزقزق إلا بين الأشجار على الغالب , غير أن الحظ يصده عن البلوغ لِمَا يريد , حينما يتحول هذا المعنى المجرد الجالب للسعادة إلى إنسان جشع وبخيل

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] السعـادة كمـا ريـم الفـلا جافلـة=تشرد ان حد بغاها وان تركها تجيـه[/poem]

لعل وقع الإحساس الكائن تحت تأثيره الشاعر , هو ما دفعه لهذا الانسياق وراء الهيام بالتنظير , فكانت الحكم الذاتية تتقاطر عليه ضمن هذا السياق . لقد صوّر السعادة بالظبي الذي " يجفل " ممن يريد الإمساك به أو الاقتراب منه , في الوقت الذي يدنو ممن لا يعيره أي اهتمام , وهو حقيقة لا يقصد هنا الظبي بمعناه المكشوف , وإنما يعني به المرأة , التي تتآكل من الداخل حينما تشعر بالتهميش أو الإهمال المتعمد أو غير المتعمد , في الوقت الذي " تجفل " ممن يكثر التودد لها , والتردد عليها , ويفرش لها الأرض بالزهور بمناسبة أو دون مناسبة , وفي شكل مثير للاشمئزاز , مما يدفعها في الغالب إلى عدم تحمل هذا السلوك في كثير من الأحيان
إن هذا الرأي الافتراضي من الممكن أن يكون انعكاس لعلاقته المتأزمة مع الحب , وأن الحب – ولاسيما المرأة – تكون مع من لا يسعى إليها , وهذا متضح معنا من خلال نصوص الشاعر التي صورت لديه هذه الإشكالية المريرة في حياته , وانعكست على قصائده فيما بعد
غير أن هذا الخط لم يكن هو الخط المسيطر عليه , حيث كانت تتداخل الخطوط لديه حينما يحاول الابتعاد عن الحب , والتعامل مع التنظير المتصل بشعْرنة الحكمة , والذي دخله الشاعر من باب الحب والأنثى , واستطاع فيما بعد التعامل مع هذا الحب للوصول لهذا التشعير المتوافق مع الحكمة النظرية لديه .

يقول الشاعر عبد الله الخزمري :

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] كل شـيّ بثمـن إلا الأمانـي بـلاش=احلمـي يـا عيونـي قـدّ ما تقدريـن[/poem]

كلنا يعرف الحكمة المشهورة " الأماني أجنحة العاجز " غير أن هذا البيت حبب إلينا الشعور بالعجز , وجعله مرغوبًا من الوجهة الفنية على الأقل , ومنح المتلقي لحظة لتخيل هذه الأجنحة للطيران بها بعيدا مع هذا التمني , الذي عبر عنه الشاعر بالحلم , باعتبار أن الحلم يمنح الروح قوة سحرية للتحليق في سماء لا تؤمن بالحدود والسياجات

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] ولو يحقّق مطاليب الرجال...الهـواش=كان هاوشت حتـى ربعـي الأقربيـن[/poem]

يمتد معه هذا الإحساس المعجون بالنظر الافتراضي إلى الواقع بما فيه من تداعيات , لذا يضع هذا التنظير للوصول هذه الفرضية , فهو يقول لو أن إثارة النزاعات قادرة على تحقيق ما يتمنى المرء من هذه الدنيا , لكان بإمكاني – أي الشاعر – من التخاصم مع كل الناس بما فيهم أقرب المقربين لي . فهذه نظرة ذاتية تخص الشاعر تتعلق بموقفه من الحياة , حاول من خلالها الدخول إلى الواقع , حتى ولو كان ذلك الدخول دخولاً عكسيًّا مثيرًا للاستغراب والتساؤل

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] هذا أنت يا الشعـر..لا تنفـع ولا تجـدي!=يا كـم كتبتـك ولكـن ما هنـا مكـسـب.

شالفايدة دام خلـق الله مـن بعـدي ..=ما ردّدوا بعـض ما أكتب-عندمـا أكتب ![/poem]

هذان البيتان , وخاصة البيت الثاني في هذا الكلام لا يخلو من نرجسية , وصوت لل" أنا " الواضح في ذات الشاعر الممزوج بالأنانية , والحب المفرط للذات . إنه هنا يتعامل مع الشعر من سياسة العرض والطلب , وفي هذا التعامل انتقال بالشعر من الشعر إلى اللا شعر , وبمعنى أكثر إيضاحًا , كان الشاعر هنا عارضًا لبضاعة , لا صانعًا لفن , أي أنه يريد من الشعر أن يحقق له المكاسب وكأن عالم الشعر سوق تجاري , والشعراء ما هم إلا باعة متجولون في هذا السوق . إن هذه النظرة الافتراضية تعكس في الواقع أزمة الشاعر مع الشعر , هذا الشعر الذي لم يمنحه الحب وكان عبئًا نفسيًّا عليه , وذلك واضح من خلال علاقته الفاشلة إجتماعيًّا في الحب , والتي ندب حظه فيها أكثر من مرة في أشعاره التي بين أيدينا
موقف الشاعر الفاشل مع الحب إجتماعيًّا واضح في نصوصه , غير أن هذا الفشل – كما يبدو – وهو فشل عملي , وافقه نجاح نظري من خلال الشعر , إذ صوّر لنا هذه المعاناة بعدد لا بأس به من النصوص الشعرية التي عكست معاناته , وهي مجال جميل وثري للكتابة , لمن أراد تناول هذه الزاوية عند الشاعر عبد الله الخزمري في يوم من الأيام

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] تدري متى تعرف حقيقـة صديقـك..=ان قلت : أنا فلّست او قلت : بأتوب ![/poem]

تعلق الشاعر عبد الله الخزمري بهذا النوع من الشعر لا يتضح فقط في هذا البيت , فهو منثور بين العديد من نصوصه الشعرية , وهذا يكاد يكون علامة بارزة في شعره , غير أن ما يميزه هو ذلك الجنوح إلى التنظير الافتراضي , وكأني به من خلال هذا الجانب في هذه التجربة الشعرية , ونظرًا لهذا الفشل الواضح في الحب , يريد إيجاد معادلاً يحفظ له توازنه الداخلي مع الذات , ففي الوقت الذي فشل فيه كشاعر عاشق , وذلك يتجلى مع هذين البيتين

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] ضيعت مستقبلي مـن شـان رعبوبـه=واليوم راحت لابو المستقبـل الزاهـر[/poem][poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

ضيعـت ثنتيـن مستقبـل ومحبـوبـه=وياشينها يا ملا جرحيـن فـي خاطـر[/poem]

ها هو ينجح في مجال العلاقة الذاتية مع الذات , فما خسره هناك , ينجح به هنا , لهذا كان للتنظير الافتراضي نصيب الأسد في تجربته الشعرية . فهذه الإضاءات الشعرية التي يسكبها الشاعر هنا تعوّض أي انزلاق عاطفي إجتماعي أثّر على مسيرة الشاعر مع الشعر . لذا اتجه هذا الاتجاه . إنه يرسم لنا نظرته حول الصداقة والأصدقاء من زاويتين لا يخلوان من طرافة في الالتفات , حيث يقول في هذا البيت إن قلة المال واتجاه المسار الحياتي لدى الشخص هما الوحيدان – كما يعتقد الشاعر – الكفيلان بتغيير طباع الأصدقاء , وهذا الرأي لا يخلو من غرابة , ولا يخلو من جرأة في التصور والتنظير , كما أن هذا البيت يعكس إشكالية تعامل الشاعر مع المال والدين , فالمال أضاع منه الحبيبة " واليوم راحت لأبو المستقبل الزاهر " , وكذلك الدين أحدث له أزمة في علاقته مع الفوضى في حياته من شراب و " تدخين " وبعض الممارسات الأخرى المبثوثة في شعره , والتي عبّر عنها بهذا البيت

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] سويّت كـل البـلاوي ماعـدا=أدخل كنيسة او أسجد للوثـن[/poem]

لهذا يطلق هذه الرؤية الأحادية الخاصة به من خلال تعاطيه مع الحياة والأصدقاء " إن قلت : أنا فلست أو قلت : بأتوب " كدليل على هذا الشعور بالتأزم . غير أن هذه الإشكالية لم تمنعه من الرضوخ القسري لسطوة الدين والعرف عليه , وأنه مهما حاول الإنفلات من هذه القبضة , لابد له من الاستسلام لهذا الناقوس القادم من مجاهل النفس والتاريخ , رغمًا عن إرادته

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] أحيان أوضي قبل وقـت النـدا=وأحيان أسلم ولا أصلي السنن!

سويّت كـل البـلاوي ماعـدا:=أدخل كنيسة أو أسجد للوثـن)

ذنوب-وذنوبـي أفسى م العِـدا=الذنب جـلاّد والليـل السجـن![/poem]

فهو يعلن رضوخه , رغم هذا التمرد الواضح فيه , والذي عبّر عنه بأنه فعل كل شيء في هذه الحياة ما عدا دخول غير معابد المسلمين أو السجود لصنم , ليفتح هذا الاستثناء كل إمكانيات التفكير بأنه فعل الأفاعيل من الذنوب , وذلك من أجل أن يصل بنفسه إلى هذه الحكمة الذاتية الخاصة به " الذنب جلاد والليل السجن " , فالليل هو ليل السكارى المعربدين الموغلين بالذنوب والمعاصي , كما أن الإحساس بثقل هذه الذنوب " الذنب جلاد " مفتاح للتفكير بهذه الخطايا , والتي جعلته يقول بأنه إنسان يتوضأ ويصلي الفروض , في الوقت الذي يفعل فيه المعاصي الأخرى , ومتباهيًا رغم كل هذا بأنه لم يكفر ولم يبشرك بالله , رغم ما اقترفه من ذنوب وخطايا , في المقابل يظل مجال التفكير في قوله " والليل السجن " بأنه طريق للتوبة والخلوة مع الذات ومحاسبتها عما اقترف من ذنوب وخطايا في مسيرة حياته

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] ثلاثينـي مضت..مـا بيـن فكّـي وقتـي البوّاق =أثاري كل يـوم يمـرّ أمـوت ولا أحسب حسابـي

وأنا أتناقص..ويتساقط مـن أغصانـي ثمـر وأوراق..=وتتهاوى حصوني - حصـن يتبـع حصن-بغيابـي..!

فبعض أحيان أقول إن جا الفرح وإلا فبالطقّاق ..=وأنا اللي كل صيف أنوي الـزواج ولا أكتـب كتابـي..

وهذي الأرض مليانة نسا مـن أطيـب الأعـراق..=ولكـن رغـم حبـي للنسا لا زلــت عـزّابـي![/poem]

في هذه المقطوعة يعكس لنا الشاعر كالعادة علاقته التأزمية مع الزمن والحب , حيث صوّر الوقت بوحش كاسر مخيف له فكان , وهو مع هذا " بوّاق " أي لص سارق , سرق منه العمر والاستمتاع بالنشوة مع الوقت وخاصة أيام الصبا وزمن الحب الأول . إنه يرى الزمن يتسلل إليه ليقضي على سنوات عمره , سنة وراء أخرى , هذا الشعور خلق لدى الشاعر الإحساس بعدم الاتزان النفسي , لذلك هو متردد , لا يستقر على رأي , فمرة يميل للفرح , ومرة أخرى يقول له " بالطقّاق " كإشارة على منتهى الاستهتار في تعامله مع الحياة , والتي عكسها هذا التردد الكبير بين رغبته بالزواج وجنوحه عنه , وكأنه في صراع لا يُعرف له قرار

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] لا تسولف كثرة الحكي ما تملي البطـون=كم تعشّينا السوالـف ونمنـا جايعيـن؟[/poem]

الشاعر يرفض الإكثار من الكلام , أي أنه لا يرفض الكلام ككل , لأن الكلام يعني لديه الشعر , والشعر هو المتنفس الحقيقي له للخلاص من همومه التي تعتصره , غير أنه يحتج على الكلام الزائد عن الحاجة الذي لا يغني ولا يسمن من جوع . وهذا الكلام فيه التقاء مع المثل المشهور " خير الكلام ما قل ودل " , لكننا لو نظرنا له من هذه الزاوية , فلن نقدم أي شيء جديد , باعتبار أن التطرق لمثل هذه الأمور البالية يعتبر مضيعة للوقت والجهد , غير أن الملفت للانتباه هنا " كم تعشينا السوالف ونمنا جايعين " لأن أمثال هذا التنظير هو الذي يحفزنا للكتابة والتأمل من ناحية , ومن ناحية أخرى , يحرضنا على التفكير ولا يطالبنا بالإجابة , ويفتح مجال التأمل في هذا الكلام , ويجعلنا نشرف على سماوات من المعرفة الإنسانية لا تعرف الحدود

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] يا بحر في وجنـة المينـا رسمـت أغلى أماني=أسألك يا بحر قل لي مـن محـى ذيـك المشاعـر؟[/poem][poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

جيت أدورها مسـا البـارح لقيـت آثار ثانـي=واحدٍ غيري شطب شعري وهو ما هو بشاعر!!

كنت أظن الخـط يبقـى رغـم دورات الثوانـي=ما دريت إن الزمن ينسى مـلامـح مـن يغـادر!![/poem]

هذه المقطوعة موجعة لدرجة الشعور بالتوحد مع الألم .
في هذا الكلام إحساس مزدوج بالإفلاس والتشظي المرير , فالشاعر فقد الحب حينما فقد الأنثى , هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى عكست هذه المقطوعة الشعور بالتأزم الفردي مع الزمن . غير أن هناك معضلة لم يستطع الشاعر التخلص منها في العديد من نصوصه , وهو معضلة الآخر , وأعني بالآخر هنا هو الشخص الثالث , وهو الذي يشكل مثلث الحب العربي , والذي غالبًا ما يكون العاذل الذي يدمر حياة الحبيبين , لكن الشاعر هنا استعاض عنه بالخاطف الذي خطف المحبوبة من بين يديه . وبصرف النظر إن كان الشاعر صادقًا في هذا الجنوح أو غير صادق , وأقصد هنا بالصدق , هو الصدق الإنساني الواقعي لا الصدق الأدبي أو الشعري , فإنني أرى أنه أكثر من هذا العويل الصاخب في نصوصه , والذي جعلنا كمتلقين ننتقل من الإعجاب فيه إلى الشفقة عليه . وهذا ما يجعلنا نحاول أن نفهم أسباب إنكفاء الشاعر في أكثر من نص على ذاته , والتصريح العلني باسمه الصريح " والحبر من دم عبد الله عطية – مع تحيات عبد الله عطية " , وبعض الأحيان يجمع اسمه واسم قبيلته , كما في هذا البيت

[poem=font=",6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] وأنا سمعتك تنادي باسم زهراني=صحيح ؟ قالت نعم ناديت عبد الله [/poem]

إن أمثال هذه المسميات التي وضعها الشاعر في هذه القصائد , جاءت كإشارة دلالية على وجوده , وذلك بشكل خالٍ من الترميز أو اللجوء إلى القناع , أو الإعتماد على المعادل الموضوعي الذي يخلصه من الكثير من الإشكاليات , التي يستطيع الشاعر عن طريقها الإختباء خلفها للتعبير عن ذاته . لعل هذا الإحساس المكشوف هو ما جعله يتحدث عن نفسه بهذه الصراحة ودون أي مواربة " الناس تشرب وأنا مسطول ع الريحة " , وكذلك التصريح العلني باسمه في أكثر من نص كما مر بنا , حيث شكل له هذا السلوك الشعري لديه حقيقة محفزًا للكتابة , وعقدة لم يستطع الخروج منها

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-19-2009, 03:21 AM   #2
عبدالله العويمر

شاعر و كاتب

مؤسس

الصورة الرمزية عبدالله العويمر

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1114

عبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


عبدالله
مِن الأسماء الّتي تكتب الشعر ليحظى بالإعجاب
حفظت له: لاتسولف كثرة الحكي ماتملا البطون

هذا البيت حبيس الذاكره من سنوات عده

محمد
كل الشكر

 

التوقيع

عبدالله العويمر لاينتمي لأي مجموعه!

عبدالله العويمر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-19-2009, 01:18 PM   #3
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي


عبدالله الخزمري ..

شاعر اسس تجربته الشعرية بكل نجاح ووعي وإبداع ..

نصوصه مشرقة برؤى عميقة في أنساقها المتسقة بالذات الإنسانية ..

فشكرا لك أيها الصديق الأنيق على هذا الضوء الذي تركته لنا من مساربك المدهشة المنعشة ..

دمت بالقلب وبالقرب ..

تقديري .

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-20-2009, 10:55 PM   #4
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

الصورة الرمزية محمد مهاوش الظفيري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 725

محمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله العويمر مشاهدة المشاركة
عبدالله
مِن الأسماء الّتي تكتب الشعر ليحظى بالإعجاب
حفظت له: لاتسولف كثرة الحكي ماتملا البطون

هذا البيت حبيس الذاكره من سنوات عده

محمد
كل الشكر


















تحياتي لك يا عبد الله


لك جزيل الشكر .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:01 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.