أمنية

[د. طاهر عبد المجيد]

أمنية
د. طاهر عبد المجيد


بودي لو خلقتُ على هوايا
وعشتُ جميع عمري في صبايا

هنالك حيثُ كنتُ بلا رقيبٍ
أمارسُ ما أشاءُ من الخطايا

وأعدو خلف أحلامي بقلبٍ
طليقٍ لم تكبِّلهُ الوصايا

إذا ما سرتُ سارت خلف ظلي
دروبٌ كلها يقفو خطايا

هنالك حيثُ كنتُ أرى زماني
بعينٍ لا ترى أحداً سوايا

كأن الكون حيثُ نظرتُ حولي
فضاءاتٍ تُحيطُ بها المرايا

يدي قلبي وقلبي من زُجاجٍ
يشفُ عن السرائرِ والنوايا

فما لاذت به الأسرار إلا
وألفت نفسها بين الضحايا

وكنتُ أحسُ كم عمري طويلٌ
يفوقُ بطولهِ عمر المنايا

وحين تطلُ أفراحي بعيدٍ
أوَّزع بعض أيامي هدايا

وإن ضاقت عليَّ الأرض يوماً
بما رحبت أهاجر في الحكايا

وأوغلُ في مجاهلها بعيداً
وحين أتوهُ تصحو مقلتايا

وتنطلقان بي كالريح نحوي
وفي نفسي من الذكرى بقايا

أمانٍ لم تكن إلا أيادٍ
لقلبي بعدما غُلَّت يدايا

وراح اليأسُ في أعماق روحي
يُعشعشُ في الشقوقِ وفي الزوايا

وقد نسف الزمان غدي أمامي
وهاأنذا ألملمهُ شظايا

وهل كانت تُدغدغني الأماني
كطفلٍ لو خلقتُ على هوايا


د. طاهر عبد المجيد

 

[قمر]

قصيدة جميلة
أشكرك الشاعر : طاهر

 

[جُمان]

د. طاهر عبدالمجيد

أمنِيةٌ كـ صبَاحٍ مُعلقٌ عَلى جَناحِ عصفور تفضَحُ سِيرة الشِّعر الطيبِ فيك
جميلةٌ وَ مُشبَعةٌ بإحساسٍ كثيف

كُل الشُّكر لك

 

[د. طاهر عبد المجيد]

الأخت قمر:
أشكرك على مرورك وإعجابك بالقصيدة
تحياتي

 

[د. طاهر عبد المجيد]

الأخت الشاعرة جمان:
أشكرك على هذه الحفنة من الضوء والجمال التي عبرت بها عن إجابك بالقصيدة.
لك كل المودة والتقدير

 

[صهيب نبهان]

..

أخي

شاعريتك لا ينكرها اثنان وتراكيبك وعباراتك

ولكنني أختلف معك في أول أبياتك حين قلت :

بودي لو خلقتُ على هوايا
وعشتُ جميع عمري في صبايا

الله سبحانه وتعالى يقول : " ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم "
فلو أنَّك خُلِقتَ على هواك لما كنتَ لتكون أفضل مما كنتَ عليه !
وفي لفظة الهوى هنا مسألة مهمة وقد ذكرها الله مرارًا وتكرارًا في كتابه العزيز
ومما لا يخفى عليك قوله تعالى في سورة النساء الآية 135 :
" فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
أيْ لا تتبعوا الهوى في سبيل الانحراف عن الحق .

ثم قلت :

هنالك حيثُ كنتُ بلا رقيبٍ
أمارسُ ما أشاءُ من الخطايا

فإن كنت تقصد المشاغبات الصبيانية فيما لا يتعارض مع شرع الله فربما جاز لنا القول

إلا أنَّ الخطايا في مفهومها العام لا يدل على ذلك

والله سبحانه وتعالى يقول :

" فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل "

فما من إنسانٍ مسلمٍ أو حتى كافرٍ إلا ويتمنى العودة للوراء ليستزيد من الحسنات
يقول تعالى : " ولو كنتُ أعلم الغيب لاستكثرتُ من الخير وما مسني السوء "

والآيات في ذلك كثيرة

..

أسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات
وشكرًا لرحابة صدرك
تحياتي الخالصة

..

 

[خالدة باجنيد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. طاهر عبد المجيد

كأن الكون حيثُ نظرتُ حولي
فضاءاتٍ تُحيطُ بها المرايا

يدي قلبي وقلبي من زُجاجٍ
يشفُ عن السرائرِ والنوايا

د. طاهر..
لذيذة هذه الأماني والانتشاءات الطفولية..
استمتعتُ بالقراءة كثيرًا..
تحيتي..
.
.
.
خالدة..

 

[د. طاهر عبد المجيد]

أخي العزيز الأستاذ صهيب نبهان المحترم:
لقد شرفني مرورك بالقصيدة، واهتمامك بها، وأشكرك على تخصيص بعض من وقتك الثمين لنقدها.
أما بالنسبة إلى اختلافك معي في الرأي، فهو اختلاف يسعدني لأنني أنا المستفيد منه في النهاية، فهو يصوّب لي أخطائي ويكشف لي عن عيوبي التي لا أراها، ويدفعني إلى تجاوزها وإصلاحها، وصدق عمر بن الخطاب حين قال: رحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي.
أخي العزيز الأستاذ صهيب نبهان ربما تكون حمَّلت موضوع القصيدة أكثر مما يحتمل، فالقصيدة عبارة عن ترجمة فنية لإحساس يشعر به كل إنسان، وهو الشعور بعدم الرضا عن الذات والتوق إلى الحرية المطلقة، وهو إحساس متأصل في الإنسان، ولولاه لما كان في الإنسان دافع قوي يدفعه إلى العمل، وانظر من حولك ستجد القصير يتمنى أن يكون طويلاً، والقبيح يتمنى أن يكون جميلاً، والضعيف يتمنى أن يكون قوياً، والجبان يتمنى أن يكون جريئاً، وهكذا.....، وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) لأن الله سبحانه تعالى يتحدث عن الإنسان كنوع أو جنس وليس الإنسان كفرد.
أما بالنسبة إلى لفظ (الهوى) فلا أقصد به المعنى الذي ذمه الله سبحانه وتعالى في كتابه والذي يعني الرأي المستند إلى المزاج بعيداً عن العقل، وإنما أقصد به الإرادة المحكومة بالعقل.
وبالنسبة إلى كلمة (الخطايا) التي وردت في البيت الثاني فلا أقصد بها أنني أرغب في فعل الخطايا، وإنما ممارسة الحرية كما يمارسها الطفل الذي لا يشغله ما إذا كان ما يفعله يعدُ خطأً أم صواباً لأن ضميره أو (الأنا الأعلى) بتعبير علم النفس لم يتشكل بعد. ومن منا لا يتمنى أن يسترجع ذاك الإحساس الجميل بالحرية الذي أحس به في صباه، ومن منا لا يتمنى أن يمتلك من الصفات والقدرات الجسدية والنفسية والعقلية ما يجعله أقرب إلى الله رمز الكمال المطلق؟ إنها أمانٍ ستظل بتقديري ملازمة للإنسان إلى الموت.
على أي حال هذا ما أردت أن أعبر عنه في القصيدة وقد أكون أخطأت في التعبير عما أريد ولم أوفق تماماً وهذا ما أتركه للنقاد والمختصين وأظنك منهم.
أشكرك مرة أخرى وكلي أمل أن لا تبخل علي بآرائك النقدية.
مع خالص تحياتي