المرأة ...حكمة التناقض و سر الانبعاث ! بقلم ندى يزوغ
هي المرأة، جعبة الأسرار، وريح الأربع التي تهب دون إذن،
مَن يجرؤ على القول بأنها معروفة كطلوع الفجر؟
إنها سحابة تُشاقق الشمس إذا ابتسمت، ثم تُمطرُ في غفلة.
تلجأ إلى الاستغناء، وفي قلبها تحيا ألوف الاحتياجات.
تقول: "لست عطشى "، بينما في عينيها توق لمن يرويها من الشوق والحنان .
تهمس: "لا تعنيني الأمور"، بينما قلبها يضرب في تناغم مع خطواته.
تطلب الرحيل، وقلبها يتدلى كقنديل يشع برقة عند أول لمسة.
المرأة… لا تكتب قصتها بكلمات واضحة، بل تُفكّ كما تُفكُّ أحجية معقدة، يتخفى جوابُها و حلها في صميم السؤال.
هي نهرٌ يعكس صفاء السماء، لكن تترامى موجاته في عمق لا يُلمس.
تزينها ليس مجرد كمال لجسد، بل هو عبارة عن نظم قصيدة بملامحها، تنتظر دوما مَن يفهمها، لا إطارًا عابرًا ينظر إليها بعدم اكتراث أو بجفاء.
وحين ترفض المديح، فهي في عمق سجيتها تقول: "زدني، بل و بنعومة، و بكلامٍ يرويني كعطر، لا بأصوات تمتزج بالصخب."
قال نيتشه ذات يوم: "من لا يفهم المرأة، لا يعرف الحياة"، كأنه لاحظ ذلك الغموض الفاتن الملتف حولها، الذي يجعلها تتوق إلى الحريّة وتحتمي بالأحضان، فتُعلّق راية القوة وسط العواصف، لكنها أمام مرآتها بليلٍ بائس قد تبكي، لأنّ أحدًا لم يلتقط خفايا ضعفها.
المرأة… !
عندما تنطقُ: "أنا لا أغار"، تتصبب غيرتها في صمت الكلمات، فتحتفظ بمشاعرها في قيدٍ مخفي، لأن الكلمات تُضعف الدفاعات.
تقول: "سأغادر"، وعيناها تنتظران بالرغبة أن يُحتوَى قلبها، أن يُستَصغَر صداه في أذان من يحبّها و هو يردد : "ابقي، فلا قلب لي سوى قلبكِ."
وفي صمتها، تنطلق صرخات آلاف الأمنيات.
هي من تخفي الشغف في هدوء، تخفف به تأوهات الاشتياق.
تتجنب النطق بـ "أحتاجك"، فتزرعها في رائحة وردة، أو في طبق تُحضّره بحب، أو في لمحة عابرة أو في اهتمام غير متوقع .
"ما أعقد المرأة وما أبدعها، فهي لا تُشبه سوى ذاتها."
هكذا خطَّ جبران، وهو يدرك أن بداخلها طفلًا يتوق إلى الدفء،
وأنثى تنتظر أن تُدهش الحياة بوهجها، هي حكيمة تُخفي وراء ضحكتها نظرية الفلسفة بين الحياة والموت.
هي المرأة… لغز إن فُكّ حلّه، زال عنه سحره، ومرآة إن نظرت فيها، قد ترى جاذبيتك بحجم ما تمنحها، هي القصيدة التي لا تُقال كاملة، هي الوطن… والسفر… والميناء… والعاصفة!.
إنها التناقض الجميل… !
و المنفى والملاذ الآمن … !
وكلما ظننت أنك فككت سرها، انتقَت لك وجهًا آخر من وجوه القمر، تلك التي تُعدُّ أنثى لا تُختصر..!
رمز الحياة هي والمشاعر، فتسلّح بالتفهم، يا آدم.. فمفاتيح حبيبتك تكمن في عمق وجدانك !.