تلميذك أستاذ يا معلم !!
في إحدى القنوات الفضائية المهتمة بالشعر ظهر شاعر شعبي متبجحاً بقصيدة سيئة ذات لغة ركيكة ، ملغياً جميع الشعراء
واصفاً إياهم بأنهم لن يأتوا بما أتى به وأنهم يقعون تحته !!
مع انها المرة الأولى التي أعلم أن مقياس الشعر إرتفاعا ونزولاً خلاف المفاضلة الشعرية الصحية والمعروفة.
فقلت لمن حولي هذا النكرة نشأ مدرسة مستقلة لم يتتلمذ على يد أحد ولم يقرأ لأحد ولم يحتك بأحد يستحق ان
يناديه : يا أستاذي ، وإلا ما الذي يدفعه أن يكون عدوانياً إلى هذا الحد ؟!
فسألني أحد الأحبة : أتؤمن بوجود وضرورة الأستاذ والتلميذ بالأدب ؟
فكانت إجابتي أن كل من يقدمك تجربة ويتميز عليك بالتجربة هو أستاذ لك شأت أم أبيت ، وليس بالضرورة أن يأخذ دور
المعلم ويدرسك ما ينقصك من العلوم .
وتأكيداً لهذا الكلام أو وجهة النظر فعلى سبيل المثال لو التقيت شاعر بحجم نايف صقر وجلست معه وحصل بينكم حوار
وتم تبادل أرقام الهواتف فلا تعتقد أنه أصبح صديقك أو زميلك لابد أن تصرخ بوجهك الأحقية الأدبية وتقول لك : هذا هو
الأستاذ نايف صقر الذي قال قبل عشرين سنة بيت مليء ومسكون بالحداثة وهو :
وصفك أرض بها خيل الكلام : : : ملت الركض وأتعبها العدي
وفي الذاكرة أيضاً قصة حصلت لي أنا في مهرجان الجنادرية 1428 هـ في الفندق المعد لاستقبال ضيوف التقيت الأب
الروحي أو (عراب) الساحة الشعبية الأستاذ / سليمان الفليح ، فسلمت عليه وجلست معه فالتقط أحد المصورين صورة
تجمعني به وبعد مضي فترة من الزمن إذا بالصورة منشورة ضمن لقاء مع سليمان الفليح ويأتيني بها احد الأحبة قائلاً :
أنظر إلى صورتك مع صديقك سليمان الفليح فقاطعته قائلا : خاف الله هذا الأديب الذي يكتب منذ الستينيات الميلادية وعمر
تجربته الأدبية يفوق عمري الشخصي تصفه بأنه صديقي فهذا أستاذي الذي أفخر بأن أكون احد تلامذته .
قبل الختام :
دائما ما أفكر بأن ننسى أننا مجتمع بدوي أو قبائلي أو يميل إلى البادية طبعاً ونعتبر أن بعض الألفاظ تنقص من حقنا أو
قدرنا ، فلابد أن ننظر بالعلاقات الأدبية بوعي أكبر ونفصل بين المعرفقة الشخصية والعلاقة الأدبية .
فالمعرفة الشخصية أمر متاح وفيه سعة وقفز لكل شيء ، أما العلاقة الأدبية لابد أن تقام على أساس خالي من الحساسية
متسماً بوجود المراكز والمقامات ، كي نكون أكثر وعياً .
ختاماً :
أعلم أن الساحة الشعبية تقع تحت أمرين لاثالث لهما وهما :
الأمر الأول : أن يكون جاهلاً لا يؤمن بأستاذية أحد ويهرف بما لا يعرف فهذا علاجه صعب وللأسف هو السواد الأعظم .
الأمر الثاني : هي الفئة التي تحمل وعياً فكراً وموهبةً جديرةً بالاحترام ، ولكنها تقع في مشكلة عدم احترام المدارس
الأخرى أو عدم استساغتها فلذلك لا يرى أحقية أستذة إلا لرواد المدرسة التي ينتمي إليها ، وهذا الأمر صحي وفيه نوع
الفلسفة وأنا أميل إليه ولكنني أوصي باحترام جميع المدارس حتى نشكل منظومة أدبية جديرة بالاحترام .