ابتِدَاء :
لأَنِي أُحبُك وَ أَكرهُ جَرحِي وَ أكرهُ أن أجرَحَ نَأيتُ لتَطبِيبي قَبلَ أَنْ تَدنُو لِ تَجرَحَنِي
[ 1 : حِين جَعلتُهم عَنِي نِسِياً ] :
من غُصة الجَرح ِالأول ، نُودِيتُ حَيثَك ، تَقَاطَر عَليَّ رَذَاذٌ مِن عَطف يَحاوِل أَن يَغسِلَنِي وَ جَرحِي ، يَبغِي
تَطهُرَه عَلَى مَدى مُؤقَت ، تَسْتَغل وَجَلِي فَ تَلقُنِي حَرَائِرَ ذَوْقك ، تُوقِظ النَائِمَ مِن فَرحَي وَ عَلى سَبِيلِه تَتَغَنَى
نَبَضَاتُ قَلبِي بِلحنٍ يُعَاكِس وَ تَرَ النَحِيب وَ يهجُرَه ، أَنتَ فَقَط مَن كَسَر أسوَار الوَجل الـ تُحيط بِالعشقِ فِي قَلبِي ،
أَنتَ فَقَط المَلاذ الذِّي احْتَوانِي بَعد أن صَقلتنِي صُرُوف شِتَاءٍ فُراقِيَة ، أَنتَ فَقط الضَوْءُ المُتَسبِب لِِصَحوَةِ
الحُب مِن سَكرةِ الفَقد ، أَنتَ فَقط الكَون الجَدِيد الذِّي اخْتَارَنِي أَن أَكُون سَماؤُه ، أَنت الرَتَابَة المُدهِشَة الـ الْتَقَطَتنِي
مِن وِجنَةِ ذُبُول ، أَنت المَخزَنُ الذِّي ابتَلعَ كُل آهَاتِي بِ فِعْلِ الحُبِ وَ علَى سَبِيلِ احتِوائِي ، أَنتَ المَطر الذِّي
نَزَل عَلَى أرصِفَةِ قِصَتِي وَ تَعمَد إثَارَة بُذور أَمَلِهَا لِ تنبُتَ عَلى جَنابَاتِها ، أَنتَ مَلامح لَيْلَة هَادئَةٌ مُستَكِينَة
وَقَعَت فِي نِصفِها الأَوّل الدَهشَة بَينِي وَ بَيْنك حِينَ شَكوتُ لَك أُمِي عَلى تَذمُر كَيفَ لها أَن تَستَمِر
بِقولِ - يَا طِفلة - وَ قد بَلغتُ مِن الحُلمِ عِشْرِيناً وَ أكثَر ! ، وَأَنتَ تَضحَك لِتُردِف - يالله كَم أُحبكِ ، أتعلَمِين -
وَ كَانَ تَمامُ الدَهشَةِ مُذْ أيْقَنتُ مِن بعدِكَ أَنِّي أيضاً أُحبِك !
[ 2 : حِين صِرتَ عَنِي نِسِياً ] :
وَ لأَنِي لَم أنسِه ذَلك الحُب القَدِيم ، لا زَالَت رُوحِي تُقِيم المَآَتِم عَلى مكسُورَاتِ بَعضِهِ المُخبأةِ فِيَّ ، وَ تَنفَجرُ
علَى أعقَابِهَا وَاجِفَة ، وَ أَسوَارُ الخَوفِ تُقَلِصُ مَسَاحَة إطمِئنَانِي عِند كُل حَماقَةٍ تَرتَكِبُهَا ، لا تَلمْنِي قَد حَذرُتكَ مِن خَوفِي
حِينَمَا يَنقُرَ رَاحَتِي وَ يُهدِيهَا قِصَتَها الأُولَى ــ فَتَختَنقُ وَ تَنخَرطُ بِالوَجعِ زُؤَاماً !
أَكرَهُنِي عِنْدَمَا تُحبَنِي كَ عَاشِقٍ أُسطُورِي ضَحَى بِ كُل ما يَملِكُ حَتَى يملُكَنِي فِي حِينِ أَنِي أُفتِشُ عَن النِسيَان لأُضحِي بِمَاضِيَّ
الأَولِ فَلا أَجِدُه ، وَ مَا ألبِثُ إِلا أجِدُنِي عِنْد عُتبَةِ حُبك ، أرَاعِيكَ مِن جَانِب وَ ابتَسِم ، وَ هُنَاكَ عَلى جِذع الشَجَرة عُصفُورٌ
بَائِس يَتَقَرَى مَلامِحَ أُفُولِي بِ إحكَام ، كَانَ يُرفْرِفَ مِن حُلُولِ الأَلَمِ بَعْدَ كُل مُحَاوَلةِ نِسيَانٍ تُمُوتُ عَلى مِنضَدةِ الذِكرَى !
أَكرَهُ أَن أَلمَحَ الصَبْر يَصرُخُ فِي عَينَيْك ، وَ فَورَانْ قِلةِ الحِيلَة فِي كَسرِ عِشقِي القَدِيم ، وَ تَقدِيمِي لِ أَنغَمِسَ فِي صَدرِكَ
المُزدَحِمِ بِي وَ أَنَا لا أَستحقْ !
أَبتَعِدُ بِرفِقٍ عَنكْ لأَنِي أُحِبُكَ وَ لِأَن لِي فُؤَادٌ لا يَحتَمِل امْتِصَاصَ أَيَ جُزءٍ مَالِحٍ يَسقُطُ عَليهِ ، لأَنِي أَعرفُ أَن لَكَ جِفناً
يَرمِشُ بَعِيداً عَنِي ، تَشَابَكَ وَهِي فِي نُقطةِ صُدفَة
ثُم أَظَلهَا بِ تَآزُرٍ رَتِيب وَ لِي قَلبٌ مُثخَنٌ بِالوَهَنْ شَاخَت بِه الأقدَارُ وَ ثمُلتْ ،
وَ حُلمٌ فَقِير اسْتَوعَبَ صِغَرَهُ فَامتَهِنَ العُزلة عَلى صَعِيدِ اقْتِنَاءِ الوُجُوم ،
وَ عَلى ذَلكِ قَبَلتُكَ ــ لِيُكَلَّ لِسَانِي وَ تَفْصَحُ عَينِي وَ تَضِيقُ الحَيَاةَ بِمَا يَكفِي لِ يرحُبَ صَمتِي ،!
[ 3 : حِينَ أَصبَحتُ نِسِيا ] :
لَطَالمَا أَوجَستُ فِيكَ خُفيَةً بِأَنهُ إِذا مَا جَاءَ غِيَابِي لا تَخَف !
يُبلَى الزَمَان ، وَ تَكْشفُ لَك الأَورَاقَ سِر النَأيْ ، تَخُور دَمَعاتكَ عَلَى أحبَارِهَا رأفَة ، تَصرخُ فِي دَاخِلك
- يَا مجنُونة - ، يُطرِقكَ قَولِي فِي نفسِكَ إِيلاماً...تَستعدُ للقِيَام وَ تُعاوِنك نَفسك لا تَجِدُنِي فَتُدوِيكَ بِالحَسرَة ،
و لأَنِي هَويتُكَ بِرحمَة كُنتُ قَد رَتَبتُ بَعضاً مِنهَا فِي جَيبِ قَلبِكَ ، صَنعتُهَا حَلوَى أُريدُ أَن تحلُمَ بِهَا مِن بَعدِي ، كُنتُ قَد
أَوصيتُهَا بِكَ إِحسَاناً ، وَ صَنعتُ لَكَ بِهَا نُقطَة ابتِداءٍ بَيضَاء وَ دَسَستُ فِيها بِضعَة أحلامٍ خِفتُ أَن أحمِلهَا فَتَجِف ،
وَ عَلَى حِفةِ وَجَف أُغرغِرُ بِ اسمِكَ مُودِعَة ، أَرتِعِشُ لِتَفاصِيلِكَ المُلقَاةِ عَلى ظَهْرِي ، وَ يَطِيرُ عُصفُورِي البَائس
لِـ أُلبِسُنِي مِن الرَحِيلِ ثَوباً وَ اترُكُكَ لِتَمتَد فِي حَلواكَ هِياماً وَ امُدُنِي أُفُولاً ،
وَ خَاطِري يُضمِدُ انْشِقَاق شَفَقِي بِالرجفَةِ وَ المَنْأَى ، أُسيِّلُ الهَذيَان لِ يُخمِد سَعيِر جُوعِي ، وَ أتَشَبَثُ
بِ ذَراتِ الهَواء أَصعَدُ بِها حَتَى أُلامِسَ الغَمَام لِ اكتُب :
[ لأَنِي أَشفَقتُ أَن يَحِل الفِراقُ يَوماً ، ذَهبْت ] ،!
انْتَهَى بِقَلَق
-