ذاكرةُ .. أنف - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 324 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-23-2009, 12:37 PM   #1
وشـــاح
( كاتبة )

الصورة الرمزية وشـــاح

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

وشـــاح غير متواجد حاليا

افتراضي ذاكرةُ .. أنف



على أول خطوات الطفولة وعلى أول خطوات الفجر , حين كنا كـ العصافير تتسابق على الأرض لتحفر و تحصد رزقها ..
كيف أني كنتُ أتوسّط ساحة منزل جدي و أملأ صدري برائحة احتراق الخشب تتبعها نشوة أكبر من حجمي ..

في أيام الشتاء الباردة وحين كانت شوارع مدينتنا ترابية نادراً ما يخلو أنفي من هذه الرائحة , أسأل نفسي عن مصدرها و أبادر الإجابة على نفسي بأن هناك موقد كبير رسى في وسط المدينة يشتعلُ على أول طقطقات ريح الشتاء إلى أن يخمدهُ الله بمطر الربيع , و أن كل مساحة من هذه الأرض لولا هذا الموقد لـ استحالت إلى قطعة ثلج ملساء لا تذوب إلاّ مع حرارة الصيف ..

أذكرُ تماماً ذلك المساء وقبل أن تعصر السماء شمسها حتى تدمي , حين اجتمعنا نحنُ الأطفال كـ عادتنا في ساحة المنزل الواسعة وأخذنا نلعبُ بثقل ملابسنا لعبة الإختباء , ركضتُ حتى آخر نخلة و نوّختُ بها , مع ترقب عيني لعين "زياد" إلاّ أني تناسيتُ وضعي تماماً حين هبّ الهواء وحمل رائحة احتراق الخشب معه , لانت أطرافي واستأنستُ به وجلستُ طويلاً على حالي تحفزني الرائحة لاختراق أيامي بمزاجِ طفل , حتى انتهت اللعبة بعد أن فاتتني وسمعتُ صمتاً جاثماً خرجتُ بخوف أركض إلى داخل المنزل قاصدةً أقرب باب ..

 

التوقيع

وذا الماء مائي
وذا اليبْس يبْسي *

وشـــاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-23-2009, 12:48 PM   #2
وشـــاح
( كاتبة )

افتراضي



حين التحقتُ بالمدرسة الإبتدائية , لم أكن أشعر بحماس بلوغ مرحلة جديدة من عمري ولم أشأ أن يستمر هذا الوضع , كل فجرٍ تركلني أمي إن عاندتُها و أوغلتُ في نومي , تسحبني سحباً من ملابسي و تضعني أمام أبي الذي مدّ صينيته بصحن الفول و رغيفين من الخبز الأسمر وإبريق الشاي الذي يحبه أكثر من أي شيء آخر , أفتحُ نصف عيني و أغمضها أخرى , رغبة بإمساك الحلم الذي بعثرته أمي بيدها وصراخها ..

أحياناً كثيرة يصلُ عنادي لأن أستغل انشغالها بإخوتي فأركض إلى غرفتي و أغلقُها علي وأوثقُ المفتاح حتى تبقى تزبد و ترعد خارج الغرفة و تضربُ بيدها المذهّبة باب غرفتي حتى أسمعُ جنون الأساورِ بمعصمها وهي تحاول فتحهُ بالمقبض , و أنا التحفُ الصمت و نومي الذي أهربُ معه , لم يكن هذا كسلاً بل خوفٌ و ملل من انتظار القادم المجهول , حين أرى تلك الوجوه المغصوبة تكدُ من أول الصباح و أسمعُ التنهدات تطلقُ بملل مريع , أتيقنُ داخل نفسي أن هذه الحال خارج حدود الطبيعة و أن كل من حولي لايريدون الإستمرار و كأن يداً فوقها سيّرتها إلى ما لا تريد .. لكن سؤالي الذي يتكرر بعد كل مشهد روتيني كئيب " هل سيحدثُ هذا معي كل يوم حتى أستلمُ وثيقة التخرج بفرحة باهتة "
أعفي نفسي من الإجابة لأني الآن أغوص بعمق لذيذ إلى نومٍ لم يكتب له أن يستمر أبعد من مد لحافي , أبي كان يطرقُ الباب طرقاً خفيفاً و يحذرني من مغبة العناد أكثر , أخرجُ و شعر رأسي كـ مكنسة عاثت بها يدا قطٍ ثائر و في عيني بكاء مرير ..

تمشطُ لي أمي شعري بغضب و تتعمدُ سحب رأسي بقوة كعقاب على ما فعلت - وفي يقيني سأفعلها كل يوم حتى يتحرروا بحياتهم من غير إجبار أحد , أو ليتركوني بحياتي أصنعُ ما أريد - , ويجلسُ أبي أمامي يكمل صحن الفول ويقلبُ جريدة يوم أمس , ينظرُ إليّ و أتجاهلهُ و أركض بعيني نحو الأرض , يسألني بلطف " ماذا تريدين أن تكون حشوة فطيرتكِ " - وقد صفّت أمي أمامه أيضاً , علبة جبن سائل و عسل أو مربى و زبدة الفول السوداني و أحياناً طبقُ بيض مقلي - , أنظر بتململ كمن لا يريد الإجابة أبداً , و أقول : " جبن " , ثم أعاود الصمت و مضغ حزني بداخلي ..

رائحة أول قضمة لفطيرة بطعم الجبن و أنا أجلسُ أمامكم الآن تغرسني غرساً لتلك الأيام , رائحة هذا الجبن الذي كنتُ آكله كرهاً كل صباح حين أسير إلى سيارة أبي أو بالخارج و أنا أنتظرُ اكتمال بقية إخوتي , علقتْ بأنفي لأبدٍ بعيد حين لطّختُه و أنا سارحة مع تقافز الطيور حتى جاء منديل أبي يمسحُ عني منظري المضحك , لم يكن يعلم أبي حين ترك لي أنفي نظيفاً من الخارج أن هناك بقعةٌ التصقت بجدار الذاكرة و أخذت تفوح برائحتها التي لم تتغير إلى يومي هذا و أنا أودعُ أبي عند آخر الزقاق إلى الجامعة و أسمع دعاءه حاراً يبهجني ..

 

التوقيع

وذا الماء مائي
وذا اليبْس يبْسي *

وشـــاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-23-2009, 01:32 PM   #3
ميــرال
( أنا من بلد الشبابيك )

الصورة الرمزية ميــرال

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 3008

ميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعةميــرال لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


أحياناً كثيرة يصلُ عنادي لأن أستغل انشغالها بإخوتي فأركض إلى غرفتي و أغلقُها علي وأوثقُ المفتاح حتى تبقى تزبد و ترعد خارج الغرفة و تضربُ بيدها المذهّبة باب غرفتي حتى أسمعُ جنون الأساورِ بمعصمها وهي تحاول فتحهُ بالمقبض



لااعرف بماذا اشعر الآن او بماذا رحلت حين كنت بداخل هذه الذكريات

وشاح
ذاكرة شممت رائحتها
وتمنيت اشياء كثيره

ابدعتِ والله

 

التوقيع

يَارَب شُكْراً يَوم رَجّعت مِيْرال ..........؛
هَذِي البنَيّه تِسْتحِق إحْتِرامِي ..........
مَاهِي ”هِدايَة“ ولاأنَا - أسْتَغْفِرَك - ”ضَال“ !
تغِيْضَ الثُرَيّا ...... تِبْتسِم للتْهَامِي ......
كَانَ أمْس فِيهَا نهَر وعْذُوبَة أطْفَال ........
الله يَاذَاك الأمْس مَافِيْه ظَامِي ..............!

فيصل الصقار🌹

ميــرال غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-23-2009, 03:00 PM   #4
زهرة زهير
₪ •• قدّيسةٌ كَـ شِتَاءْ •• ₪

افتراضي


"رائعتي"
وشاح ..

قليل جداً ما يلوي عناق إلتفاتي كتابات سرديه ,
إذ أنها تشعرني بــ الملل وهذا خلل في مزاجي الأسود ,,
هذه القاعدة تُشطب حين يتمكن إحساس ما , وقلم يملك أدوات الكتابة ,, من إحضاري إليه !
هذه القطعة أقرب لــ القصة ..
قرأتكِ بــ عقل هدهده قلم
فــ شكراً لــ حرف لفني بــ وشاح المُتعة ,,
واصلي

دمتِ بود ..
أختك ,,
إبتسامة جرح ,,

 

زهرة زهير غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-24-2009, 03:00 PM   #5
وشـــاح
( كاتبة )

الصورة الرمزية وشـــاح

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 18

وشـــاح غير متواجد حاليا

افتراضي




ميرال
أسعدتـِني
أهلاً بكِ يا عطرٌ سأذكر رائحته

:

زهرة زهير
اسمكِ لا غناة عنه
تعالي و ارسمي الحضور بذاكرتكِ دائماً

.

 

التوقيع

وذا الماء مائي
وذا اليبْس يبْسي *

وشـــاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-24-2009, 03:04 PM   #6
وشـــاح
( كاتبة )

افتراضي



دخلتُ عليها مطبخها و كانت تفركُ على طاولة خشبية عجيناً بدقيق و تفردهُ و تسوّيه , ثم تبذرُ فوقهُ الزعتز بالسمسم وتصنعُ أشكال نصف قمر , جلستُ أحاكيها و تحاكيني عن جدتي التي قطفتُ سنةً من عمري بجانبها بعيداً عن أهلي , عن حبها للزعتر وكيف أنها تبدعُ الوصفات الشعبية وتقحمُ فيها الزعتز بعد أن ترشهُ بزيت الزيتون وقطرتين أو ثلاثة من عصير الليمون , انتشلني حديثها الذي علمتُ تماماً بيقينه إلى تلك الليلة حين كان الحزنُ يتسلى بجسدي ويفركُ عيني بقليل من الأرق , وجدران غرفتي المتواضعة تسامرني الصمت المخنوق بيد السؤال .. وماذا بعد هذا ؟

هبطتُ عليها في دارها و أنا أحاول تكسير علامة الإستفهام تحت مواطئي بألم يواسي الحنين , سلمتُ بصوتٍ خفيض وآويتُ بجانبها أمعنُ في تطبيق شفتيّ ..
مازحتني بدفء و ناولتني كوب شاي و فطيرة زعتر , أخذتُ الكوب عنها و استلمتُ بيدي الأخرى فطيرتي , اقتسمتُها و وضعتُ النصف بجانبها و ابتَسمَتْ و أكملتْ حديثها الذي يبدو لي أنه كان يخالجها قبل أن تراني و ما إن رأتني فضلت أن يكون مسموعاً مادامت هناك أذن تسمع ..
بدأت بسرد ذكرياتها إلى النقطة التي انتهت عندها من ألم المخاض بأمي التي كبرت قليلاً لتصبح أماً أخرى من غير أن تشعر لجميع أبناء جدتي , تقول هذا وتضحك وتحمدالله أن بكرها بنت , وتشدُ القبضة على يدها - كانت الأحداث في مخيلتها تتوالى بسرعة بينما عيناها عُلّقت بأطراف أصابع قدمها التي تمتدُ بإسترخاء أمامها , وتسمحُ لنفسها بالإستنتاج و التعقيب و ربط الأحداث و تأريخها - و من غير أن تسمح لي باستدراجها بادرت بدعائها للسماء ..
تشابكت الأيدي و وقفتُ بذاكرتي في المنتصف , مدّت لي كلتاهما نصفُ فطيرة زعتر .. أخذتها من جدتي و تمنّعت من أمي ..
أمي لم تكن تدري بأن رائحتها تحملُ لوعة الحنين و لونها الزيتي أشباح غربة ..

 

التوقيع

وذا الماء مائي
وذا اليبْس يبْسي *

وشـــاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-24-2009, 03:05 PM   #7
صالح الحريري
( وريث الحرف )

الصورة الرمزية صالح الحريري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 3565

صالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي





هنا ..
سردٌ شهي ...
أسلوب أدبي متشحاً بلغتكِ يــ وشاح ..!
تمضي وراء وصفكِ عيناي لها وقع خفيف على أرصفة ذاكرتك ...
وأنتِ مبدعة في سرد الحكايات بنمط يجعل منّا عيون متأملة لآخر وصفكِ / نزفكِ ...!!

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

صالح الحريري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-26-2009, 05:16 PM   #8
أنثى ملائكية
( كاتبة )

افتراضي





{ ..
عبقةٌ جدا ذاكرتك بـ رائحة الحنين
وجدتُ هُنا شيئاً عبث بـ ذكرياتي .. وداعب خيوط الرغبة في الإبحار لـ زمن مضى




مُدهشةٌ جداً
لـ قلبكِ السعادة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

..}



 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


حيِن يتطلعُ الله على كل أمنياتنا المؤجلة فإنه بيده الرحيمة يزرعُ بذرة هذه الأمنيات في أرض الجنّة ؛ كي نحصدها حين نصل





زاويةٌ تحتوي جنوني

أنثى ملائكية غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:40 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.