عيده الجهني وبوصلة التغيير

[شيخه الجابري]

.
.

::

ليس الحديث هنا بخصوصيته عن الصديقة العذبة ،والشاعرة السماء عيده الجهني،ولكنه حديث من خلالها للشعر الذي أعرف وأحب،للشعر الذي نسكبه كثيرا ربما أكثر من كل شئ نحاول فعله في هذه الحياة باعتبار أن الشاعر أيا كان عاميا ،أم فصحويا هو إنسان خارج إطار الوقت،والاعتيادية ،والعادية ،والتنظيم كذلك.
لكنه ورغم أنه خارج كل تلك الأشياء أو البديهيات لكنه داخل القصيدة،وبين أطياف رؤاها،وخزائنها المليئة بالكثير من الصور،والموسيقى،والوعي ،والثقافة،والفكر.

وأقف هنا عند الثقافة لأذهب إلى الفارعة أم رعد وحضورها الفارق في برنامج شاعر المليون،ذاك الحضور الذي غيّر بوصلة الوعي والاهتمام والثقافة المجتمعية ،واخترق العادات السائدة اختراقا محترما،متوازنا،ذكيا،لذا حقق نتائج إيجابية بفتح المجال للشاعرات الأخريات كي يواصلن مسيرة النجاح وأيضا من خلال عيده الجهني.

عندما شاركت الجهني في البرنامج الأكثر شهرة على الإطلاق كانت إطلالتها صادمة للكثيرين،والكثيرون الذين أعنيهم هنا بعض نفر اعتادوا على ظهور المرأة " المسخ " التي يرونها برؤاهم الخاصة،وأنظارهم الكاشفة لكل شئ،لم يتوقعوا أن تظهر عليهم امرأة بدوية محتشمة لها هيبة،ووقار،وصوت آسر فيه كل ملامح الأنثى فارهة الحضور،وكل صلادة وعنفوان المرأة البدوية الأصيلة المنافحة عن صورتها النمطية التقليدية بشكل عصري مختلف ألزم الجميع على احترامه،وبالتالي الوقوف له إعجابا وتصفيقا،هذا جانب من جوانب البوصلة التي أدارتها أم رعد نحو الاتجاه الصحيح.

الجانب الآخر الذي أدارت أم رعد البوصلة باتجاهه ،وحققت من خلاله ثورة حضور ملفتة هو حجم الثقافة الشخصية التي تحملها هذه المرأة الشاعرة فقد تبين من خلال البرنامج اتساع ثقافتها،وفكرها،ونقاء صوتها الأدبي ،لم ترد قصيدة للشاعرة في البرنامج لم نقرأ فيها أو نسمع جديدا سواء في إطار الاستدلال بالحدث،أو الاستشهاد بالأمثلة،أو مناقشة قضايا لم يمر بها أحد من المشاركين على مدى الدورات الكاملة للبرنامج،وهذا يطرح سؤالا مهما حول أهمية الثقافة بالنسبة للشاعر العامي؟ وضرورة حضورها في قصيدته انطلاقا من أننا لم نعد نعيش عصر النوق،وسيارات البيك أب،والبطل الشعبي وحده فقط،بل إن من حولنا قضايا أممية ودولية وعربية وخليجية خاصة،وأبطال يمثلون أساطير متفردة على مدى التاريخ،وأحداث يمكن الاستدلال بها، والعبور من خلالها نحو القصيدة المكتملة،قصيدة التغيير التي نطمح إلى قراءتها والاستمتاع بها كما أمتعتنا عيده الجهني بقصائد كان من الصعب تفكيك مفرداتها لكنها علّمت الكثيرين كيفية القراءة الصحيحة للشعر لتحقق رسالتها الهادفة من ورائه،الارتقاء بالذائقة وسحب البساط من تحت العادية في الطرح إلى السمو فيه ،والنبل في غاياته ،وفرادة التعامل مع الجماهير التي كانت تشنّف آذانها طربا واستمتاعا وهي تشاهد من يعبّر عنها بالشكل الذكي الصحيح،وليس الشكل الاستعراضي الفارغ ذاك الذي يلعب على وتر الجمهور عاوز كدا،لذا لم تستسلم عيده الجهني ،ولم تلهث مع الخيول مستسلمة،بل كان ميدانها مختلفا،أبطاله ذوو خصائص فريدة نضجا،وفهما،كما هو جمهورها الذي صنعت بوعي ،وهدوء،ودُربة ٍ متقنة الصنع والنتائج.

ترى لو كان لدينا عشر نماذج من عيده الجهني شعراء يسبقون الشاعرات ،برأيكم كيف سيكون حال القصيدة العامية،أعتقد أنها ستكون أكثر نضارة،واخضرارا،وبهاء ،وحضورا،لكن الكارثة أن جلّهم لايقرأون لذلك يتناسخون،ويتكررون ،ويكررون ذات المفرادت،والصور،والتراكيب، والموضوعات التي يتكالبون عليها حتى غدت مهلهلة،وضعيفة،وفاقدة بهاء القصيدة،ودهشة الحضور الذي نعرف ،ونحب.

كم نحن بحاجة للشاعر القارئ،الشاعر المثقف أوالموسوعي الذي يحدثنا في كل شئ بصدق وفهم وإدراك،وعفوية لا تثقل القصيدة بقدر ما تكون وسيلتها للانتقال الأجمل نحو البقاء،وأيّ بقاء.

 

[وديع الأحمدي]

الأخت الكاتبة / شيخة الجابري ...


الحديث عن الشمس مدفئ / منير / مشرق

عيدة الجهني , وضعت حجر عثرة , ولقمة غصت بها حناجر البؤساء ...

عيدة حتى على مستوى الشاعرة الأنموذج , وضعت الشاعرات في مأزق , فكل من ستأتي بعدها سيضعونها في مقارنة : شعرية / شخصية مع عيدة ...

وفي ذلك ظلم لهنّ ...

الشعر ليس له حدود وليس له كبير , فقد تتفوق إحداهن على الأخرى , ولو أنني أرى أن عيدة كتلة ثقافية شعرية من الصعب زحزحتها ...

لكن على المستوى الشخصي , أم رعد كانت من الحشمة والثقافة واللباقة والأدب والالتزام ما يجعها فعلا :
المرأة الأنموذج في كل شيء وليس الشعر فقط ...

وأنا هنا لا أقصد الحجاب , فـ الحجاب لم يكن يوما من الأيام دليل حشمة , الحجاب ليس إلا مكملا لها ...

والحجاب شرعيّاً تحكمه المذاهب والآراء الفقهية ..

ولكن أتحدث عن الحشمة الكاملة كـ فكرة , وطبيعة إنسانية ....


قرأت كثيرا , بعض الآراء التي تصنف شعر عيدة أنه نخبوي وصعب الفهم ومعقد ...

وأنا أقول , عيدة ترتقي ولا يجب منّا أن نطالبها بالنزول ...


كمثال بسيط , تخيلي أن متابعا في سنٍ مبكرة , قرأ أحد نصوص عيدة ـ الموصوفة بتلك الأوصاف ـ وتتبع وقرأ ليفهم ويسبر أغوار النص , ماذا سينتج عن ذلك ؟

أضاف لرصيده الثقافي كمّا وكيف كبيرين , إضافة إلى المتعة الشعرية في النص ...

عيدة لا تقدم طلاسم ولا معادلات رياضية , عيدة تقدم شعرا راقيا , فيه عمق تاريخي , معاصر وأدبي ...


واعذريني لــ أختم بــ شعاع الشمس الجميل :

هبا طرق يْعصانـي وانـا للقصيـد اشـواق
ييبرعـم علـى قافـي مطـر يكـتـب المسرى
.
شهـيـدي بـذلـك فـســره سـبـعـة الأطباق
وشـيـخ تـقـوده رجـلــه الـجــود للخضرا
.
وأنا ما لبـسـت جـدادهـا وانثـنـي للعتاق
لأن الجدايد حـسـنـهـا بـالـعـقــول أزرى
.
ولا نـي كمثـل العيـس فـي حمـلـي الأوراق
وأنا أمتي أنـــــزل لــهـــا أولا إقرا
.
قريـت وكتبـت وجـاوزت عنـقـي الأعناق
وزيـنـت جـيــد الـنـظـم بالـفـكـرة الأثرى


لك الود


تحاياي

 

[شيخه الجابري]

اقتباس:المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وديع الأحمدي

الأخت الكاتبة / شيخة الجابري ...

الحديث عن الشمس مدفئ / منير / مشرق

عيدة الجهني , وضعت حجر عثرة , ولقمة غصت بها حناجر البؤساء ...

عيدة حتى على مستوى الشاعرة الأنموذج , وضعت الشاعرات في مأزق , فكل من ستأتي بعدها سيضعونها في مقارنة : شعرية / شخصية مع عيدة ...

وفي ذلك ظلم لهنّ ...

الشعر ليس له حدود وليس له كبير , فقد تتفوق إحداهن على الأخرى , ولو أنني أرى أن عيدة كتلة ثقافية شعرية من الصعب زحزحتها ...

لكن على المستوى الشخصي , أم رعد كانت من الحشمة والثقافة واللباقة والأدب والالتزام ما يجعها فعلا :
المرأة الأنموذج في كل شيء وليس الشعر فقط ...

وأنا هنا لا أقصد الحجاب , فـ الحجاب لم يكن يوما من الأيام دليل حشمة , الحجاب ليس إلا مكملا لها ...

والحجاب شرعيّاً تحكمه المذاهب والآراء الفقهية ..

ولكن أتحدث عن الحشمة الكاملة كـ فكرة , وطبيعة إنسانية ....

قرأت كثيرا , بعض الآراء التي تصنف شعر عيدة أنه نخبوي وصعب الفهم ومعقد ...

وأنا أقول , عيدة ترتقي ولا يجب منّا أن نطالبها بالنزول ...

كمثال بسيط , تخيلي أن متابعا في سنٍ مبكرة , قرأ أحد نصوص عيدة ـ الموصوفة بتلك الأوصاف ـ وتتبع وقرأ ليفهم ويسبر أغوار النص , ماذا سينتج عن ذلك ؟

أضاف لرصيده الثقافي كمّا وكيف كبيرين , إضافة إلى المتعة الشعرية في النص ...

عيدة لا تقدم طلاسم ولا معادلات رياضية , عيدة تقدم شعرا راقيا , فيه عمق تاريخي , معاصر وأدبي ...

واعذريني لــ أختم بــ شعاع الشمس الجميل :

هبا طرق يْعصانـي وانـا للقصيـد اشـواق
ييبرعـم علـى قافـي مطـر يكـتـب المسرى
.
شهـيـدي بـذلـك فـســره سـبـعـة الأطباق
وشـيـخ تـقـوده رجـلــه الـجــود للخضرا
.
وأنا ما لبـسـت جـدادهـا وانثـنـي للعتاق
لأن الجدايد حـسـنـهـا بـالـعـقــول أزرى
.
ولا نـي كمثـل العيـس فـي حمـلـي الأوراق
وأنا أمتي أنـــــزل لــهـــا أولا إقرا
.
قريـت وكتبـت وجـاوزت عنـقـي الأعناق
وزيـنـت جـيــد الـنـظـم بالـفـكـرة الأثرى


لك الود


تحاياي

مرحبا بك أخي الفاضل وديع وشكرا لمداخلتك القيمة التي ستعفيني من قول المزيد فقد وصلت للفكرة الرئيسة من هذا المقال،وهي أهمية الاستفادة من البعد الثقافي في شخصية الشاعرة،أنا هنا لا أتحدث عن الحشمة فعيده وغيرها من الأخوات لهن مكان عليٌ واحترام كبير وإن كان ظهور عيده بذاك الشكل الصدمة للكثيرين يشكل علامة فارقة ،وعزز كثيرا لثقافة التغيير في الصورة النمطية المعتادة للمرأة المحجبة فعيده بظهورها قلبت المفاهيم وأكدت على أن المرأة العربية بحجابها تحمل عقلا نيّرا وثقافة واسعة،وحضور ملفت بوعيه للانتباه،لذا أنا هنا لا أضع أحدا فوق أحد ولكني أدعو إلى استثمار نجاح عيده بالشكل الذي يجعل كل منا يشتغل على ذاته أكثر ليحقق الانقلاب الحقيقي في علاقته بالقصيدة والجمهور بحيث تتكامل العملية الإبداعية كما ينبغي لها أن تكون.
كن بخير أخي الفاضل وربي يحفظك

 

[ريمه]

إنتباهة لطيفة منك أختي شيخة الجابري ومشاعر تتجلّى بوضوح
في حرصٍ على اسم المرأة الادبيّ
،
,
،
عزيزتي ..
،
كانتِ المرأة في فتراتٍ غابرة .. مُهمّشة لأبعد الحدود ..
والآن هي حاضرة بقوة تستحقها ولكن في ظل مساعيٍ حثيثة لإقصاء
هذا الحضور والسبب الحقيقي هو الخوف منها ومن قُواها الكامنة
خلف طابع الانثى المسالم ..ربما وربما غيرَ ذلك : )
لكن الاكيد أن الرجل وان تفوق في ابداعه الصورَ الشعريِّة فإن إحساسَ المرأة في
الكتابة يظل الاقوى اذا صدق ولا يمكن ان يصدُق الرجل ويصرِّح كما المرأة وان كان
متمكناً من ادواته الكتابيَّة والنماذج على ذلك كثيرة . .
عيدة الجهَني كانت صورة بارزة تعكس التميُزَ والإبداع الخلاّق
ودليلٌ مهم على تطوُّرِ التجربةِ النسائيَّة والحديث عنها يطول
ويبقى ماهو خلف الستار أكثر وأجدر ..
لكنّ ما يستحِقُ ذِكْرَه هُنا - مجاراة لِـطرحكِ أختي الكريمة - هو إطلالةُ عيدة الجهني
المحتشمة والمخالفة لما اعتادتْ عليه شاشاتُ الاعلام وأعين المتابعين لدرجة اصبح
المخالِف لذلك النَّهج المعتاد أمرٌ غريب وربما مستهجن ..
ولكن تبقى الفضيلة دائما الورقة الرابحة على الاطلاق ,,,,
،
,
،
دُمتِ بـِ وِدّ ,,