الشاعرة شمس نجد والغياب - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-01-2009, 10:30 PM   #1
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

الصورة الرمزية محمد مهاوش الظفيري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 725

محمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي الشاعرة شمس نجد والغياب


كنت قد وضعت في هذا المكان موضوعًا تحت هذا الرابط

http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=6856

وهو يتعلق بصورة الرجل في شعر المرأة , وقد وقع الاختيار من شاعرات أبعاد على الشاعرة المتألقة شعرًا , شمس نجد


وسوف أضع الفقرة الخاصة بشعر هذه الشاعرة هنا

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 10:31 PM   #2
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

افتراضي


صورة الرجل في شعر المرأة
عدد من الشاعرات إنموذجاً






- توطئة



الشاعر المتمكن لا يشعر بقصيدته ولا يتعايش معها عند الإنتهاء من كتابتها ، بينما يذوب ويتلاشى أثناء التعاطي معها ، وهذا ما يفسر لنا بأن المرء لا يشعر بأحاسيسه ، فالمرء لا يشعر بلذة النظر أو بحلاوة الإستطعام بعد ممارسة ذلك الإجراء المادي ، وهذا ما يفسر لنا عدم تحمس الكثير من الشعراء لمعايشة نصوصهم عندما يرون أحاسيسهم متجسدة في قوالب شعرية أمامهم . أما الشاعر الذي يتواصل إحساسه مع نصه الشعري بعد الإنتهاء من كتابته , فهو أمام خيارين : الأول : إنه غير واثق من رأي الناس تجاه هذا النص , لهذا يريد أن يصنع لنفسه الجو النفسي الخاص به . والخيار الثاني : إنه لم يسكب كل ما في جعبته من مشاعر في هذا النص ، لذا فهو يرى النص بطريقة عكسية أي أنه يرى نصه الخارجي لكن بعين مشاعره الداخلية . لهذا فنحن كقراء وكمتابعين نذوب هياماً وعشقاً بنصوص الآخرين الشعرية ، لأننا لم نشعر بمرارة كتابتها ، لهذا نستطعم حلاوتها بعد انتهاء الشاعر من كتابة نصه الشعري . وهذا ما يفسر التصاق أرواحنا بأحاسيس الآخرين , حينما نراها متجسدة أمامنا على الورق في قوالب شعرية .
يقول أحد الفلاسفة إن الطفل يولد وعقله صفحة بيضاء ، وهذا ما يمكن تعميمه على التجربة الشعرية ، وهنا يمكن تصوير هذه التجربة بشيء ملتصق بالأرض على سبيل المثال لتقريب الصورة للفهم ، غير أن القراءات وكثرة الممارسة الكتابية المدعومة بالقراءة والحفظ للأشعار ، والإستفادة من خبرات الآخرين , هو ما يطور هذه التجربة وينميها ، وكلما منح الإنسان تجربته الشعرية فرصة التعلم والإستفادة من خبرات الآخرين أو قراءة عدد لا بأس به من النتاج الفكري الإنساني , ارتفعت هذه التجربة عن الأرض وعلت عن تجارب المتشابهين لها ، وكلما نرفد هذه التجربة بالقراءة والحفظ والإطلاع والممارسة والإستفادة المباشرة أو شبه المباشرة من تجارب الآخرين , علت هذه التجربة أو تلك .
هذا الخلل أجده في شعر المرأة . فشعر غالب النساء نتاج لمجهود فردي . والشعر ككل هو في الأساس مجهود فردي لا عمل جماعي ، لكنني لا أعني بهذا الكلام هذه النظرية ، لكنني أعني من هذا الكلام ، أي النساء على الغالب , ليس لهن موجه آخر من خارج السياق الأنثوي ، تستطيع من خلاله الشاعرة الإستفادة منه ، وهذا غير موجود عند الشعراء الرجال ، حيث أن الرجل قادر على الإلتقاء بأكثر عدد ممكن من الشعراء لتطوير تجربته – إذا أراد لنفسه ذلك ــ لهذا فالرجل من هذه النقطة باستطاعته الإستفادة من تجارب أقرانه من الشعراء أو من هم أكبر منه سنّاً , وأقدم منه تجربة شعرية . أما الشاعرة فالأمر يختلف معها ، فهي إما أنها تلتقي ببنات جنسها من الشاعرات الأخريات ، اللائي يعانين مما تعاني منه هذه الشاعرة أو تلك , من قصور في التجربة وتخبط في الأداء ، وهناك جانب آخر يتعلق بالإطار الإجتماعي للشاعرات , حيث أن العديد من الأهل والأقارب لا يدركون أهمية التعامل مع الشاعرة المنتمية إليهم إجتماعياً ، لاعتبارات عدة منها ، أنه لا كرامة لنبي بين قومه ، أو من باب أن عازف الحي لا يطرب ، لهذا فليس بمقدورهم أو لا يريدون في الأساس التعاطي مع هذه الشاعرة أو تلك بأريحية وانسجام ، وهذا الفعل ينعكس عليها بشكل سلبي ، لذا فهي تتعامل مع نفسها ومع تجربتها الشعرية على أدق تعبير , في أثناء تداخل الأهل معها بحساسية وخوف وتوجس من هذه الناحية . وهناك جانب من الشاعرات تلتقي بشاعر أو أحد المعجبين بها وبشعرها ، وهذا بدوره لا يكون صادقاً معها بالدرجة الأولى في أثناء نصحه لها, ولا يكون نزيهاً في توجيهها وإرشادها خشية أن تغضب عليه ، ومن ثم تهجره لمن سواه ممن يرضون غرورها الزائف ، لهذا تجده يحاول إرضاء غرورها ، ويسعى بالكلام لتذليل أمامها جميع العقبات بشكل وهمي ، ولا يهمه إن أضر هذا الكلام بمستقبل تجربتها الشعرية ، لأن الأهم لديه المحافظة على مستقبله معها .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 10:32 PM   #3
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

افتراضي


-نظرة عامة



في هذا الجو المشبع بالفوضى المادية ، انهارت الحواجز النفسية بين الإنسان وأخيه الإنسان , وصارت المرأة تتعامل مع الآخر المقابل لها بالآدمية الإنسانية بإيحاء من غريزة الحب والكره ، فالحب صور لها المحبوب كأجمل مخلوق رأته في حياتها , ووقعت عليه عيونها , وغريزة الكره صورت لها نفس المحبوب في بعض أو كثير من الأحيان كأبشع ما يكون ، وكأنه مارد منزوعة منه الرحمة , ولا ضمير لديه ولا خير يُرجى منه . هذا الموقف التأزمي , سواء الجانح لأقصى اليمين أو المرتمي بأقصى اليسار ، سببه أن العاطفة الإنسانية عاطفة بسيطة غير متعمقة ، ليس لها جذور تحميها من الإهتزاز ، فالرجل إنسان له شعوره وأحاسيسه , بصرف النظر عما يتبادر منه من أخطاء , قد يقع بها هو, أو غيره من الطرف الآخر .
إن إنشغال العديد من الشاعرات بمسألة الحب أو توهم الحب ، جعلها كشاعرة تتشاغل عن قضاياها الإجتماعية أو الوطنية أو القومية أو الإنسانية الأخرى ، وهذا على العموم لا التخصيص ، وأنه ليس لديها أي استعداد لتحمل أي مسؤولية ذات طابع سلبي أو إيجابي , من خلال مواقف الرفض أو القبول , للمساهمة بالنتاج الفكري بشكل أوسع . فأكثر الشاعرات يحملن عاطفة حب بسيطة , أو غير متزنة عن طريق نظرة عابرة من رجل ، وهذا موجود لدى العديد من الشعراء كذلك ، لكنني سأركز على الجانب النسائي في هذا المجال ، أقول ، نظرة عابرة من رجل قد تحوله إلى أجمل الرجال وأصدقهم وأكثرهم وفاء , وخطأ غير مقصود يحوله إلى سفاح غادر وخائن لا تعرف الإنسانية إليه سبيلاً . أما الموقف الإنساني العاطفي الثابت المتشابك الأضلاع ، فيحاول أن يجعل لكل شيء مبرر ، ولا يتسرع صاحبه بإصدار الأحكام الجائرة ، ولا يحاول الجري وراء الملذات الآنية ، رغم أثرها الواضح في العملية العاطفية , من تأجيج للمشاعر وتفجير للطاقات الشعرية الكامنة في وجدان الشاعر أو الشاعرة .
إن الرغبة في الإرتماء بأحضان المحبوب ، ومن ثم الثورة عليه فيما بعد ، لا يعد مرضاً نفسياً ولا مرضاً عضوياً ، بل هو مزيج بين الإثنين , وهو المعروف علمياً بإنفصام الشخصية ، وهو ما يمكن وصفه بالإستنساد النسوي المشابه للشعراء المسترجلين ، و" الشعراء المسترجلون " مقالة نشرتها منذ فترة . لكن يمكننا تفسير هذه الإشكالية من خلال الإنتقال المفاجئ بين الزوايا دون الوقوف على أرضية وسطية ثابتة ، إلى المزاج الشرقي الحاد المتمرجح بين الإستسلام والثورة ، وبين الرضا والرفض , وبين الإيمان المطلق والكفر المعلن .
العقلية الذهنية التقليدية للحب ، لازالت موجودة في خيال الكثير من الناس ، ولاسيما بين عدد لا بأس به من الشاعرات ، فمن المعروف أن الحب يقوم على ثنائية قطبية ، قوامها الحبيب والمحبوب ، غير أن الذهنية التقليدية ترسم مثلثاً متساوي الأضلاع ، وهم الحبيب والمحبوب والعاذل ، الذي يفترضه دائماً الخيال التقليدي في أغلب الأحيان ، لكن من الإمكان فرضية إبقاء هذا الخيار موجوداً ، وذلك عن طريق تعديل هيكل المثلث والإستعاضة عن العاذل بعنصر جديد ، كالموت عند الهنوف بنت خالد أو الخوف والتردد كما عند بلقيس , أو بعنصر الغياب كما عند شمس نجد على سبيل المثال ، لكن بشيء من المهارة التي تقوي وتضعف في بعض الأحيان عند الشاعرات .
قد يتبادر للذهن أن هناك اختلاف في مستوى الأداء العاطفي بالنسبة للشاعرات ، بل لدى الشاعرة الواحدة ، وقد يكون هذا التباين يظهر في نفس القصيدة الواحدة لأي شاعرة من الشاعرات , وهذا شيء طبيعي ، لأنها تتحدث عن مشاعر ، والمشاعر تعلو وتهبط ، في محاولة من قبل الشاعرة هذه أو تلك , لرسم صورة فنية لعواطفها الإنسانية المتداخلة , والتداخل في المشاعر شيء جميل , بل يعكس طبيعتها النفسية الآدمية ، على أن يكون هذا التباين أو التنوع مرتبط بشيء من الإنضباطية وعدم الإنزلاق الحاد في الموقف العاطفي .
اختلاط المسار العاطفي بالجانب الإجتماعي في تجارب بعض الشاعرات له ملمحه واضح , فحينما ترى أو تسمع هذه الشاعرة أو تلك بأن حبيبها خانها مع امرأة أخرى , يتحول المشهد العاطفي لديها إلى إشكالية إجتماعية ، تعكس تأزم العلاقة الإنسانية بين أفراد المجتمع , كما عند العنود بنت ناصر بشكل جلي ومكشوف ، أو كما عند الهنوف بنت خالد واستقلال الزامل لكن بشيء من التحفظ والإستحياء .
هناك جانب لاحظته في شعر المرأة , لم أركز عليه حقيقة , لأنه لا يخدمني في هذه الدراسة , لكنني سأذكره كإضاءة على الموضوع وكإضافة فنية له ، وهو حنين عدد من الشاعرات للطفولة والرغبة بالظهور بمظهر البنت الصغيرة العابثة اللامسؤولة في تصرفاتها , وفي هذا المنحى إيماءة بتمني الشاعرة استمرارية فترة المراهقة أو ما قبل المراهقة التي تعيشها الشاعرة وتشعر بوجودها من أجل مزج الموقفين فيما بعد ببعضها البعض ، للخروج بوضع إنساني جديد , ينأى عن وضعها الواقعي المعاش .
إن الطفولة المخبوءة في وجدان المرأة الكاملة النضج , ما هي إلا صخب عاطفي متوثب يسعى للتمرد , بعيداً عن سياجات المجتمع المفروضة على الكبار . وهذا الموقف تتقاسمه المرأة والرجل على حد سواء . فالإنغماس بنكهة أجواء الطفولة من أجل التلذذ ، لا بفترة الطفولة الحالمة ، التي لا تحمل من أولويات الحياة إلا الحلوى والملابس الجديدة ، بل من أجل الإسترخاء في عوالم الأحلام الوردية ، وتمني عودة تلك السنوات الجميلة التي تمنح المرأة إمكانية التخيل العاطفي الحالم ، ومن ثم الإستمتاع بذلك التخيل بجوار عاشق يبادلها الغرام .
لهذا نستطيع القول بأن التلذذ الحقيقي للعاشقين يكمن بالسهر والإنتظار ومكابدة نوازع الشوق في قلوبهم . فأجمل النصوص الشعرية العاطفية خلوداً في الذاكرة ، تلك التي كتبها عاشقون لم يبلغوا المراد من حبيباتهم ، ولا اعني هنا المراد بالمراد الجنسي , وإنما أعني به المراد الإجتماعي المعروف بالزواج .
هذا الكلام يقودنا للحديث عن الحب ، فالحب هذه الأيام لم يعد هو ذلك الحب القائم على التواصل والسهر برفقة النجوم وبعث الرسل الحاملين مواعيد الغرام , وعبارات تبادل الإعجاب كما نسمع ونقرا في الكتب ، فحب هذه الأيام اختلف عن الحب القديم ، فقد يتعرف إثنان على بعضهما البعض في سوق أو في شارع أو في حانة ، ثم يمضيان سوياً لقضاء الغرض الإنساني ، وكل منهما قادر على التعبير عن هذه اللحظة العابرة أو وصفها بالطريقة الخاصة . ومن المعروف أن جمالية التعبير في النصوص الشعرية أفضل بكثير من جمود الوصف الحسي للأشياء , وهذا الكلام لا ينفي فرضية وجود النوع القديم ، فالقديم والجديد خطان يسيرا جنباً إلى جنب في هذه الحياة , وكل له خطه البياني الذي يتحرك من خلاله ، وقد تتشابك تلك الخطوط وتتداخل الوسائل بسبب تعقيدات الحياة المعاصرة ، وهذا ما نراه في مسألة الحديث عن الخيانة والتعرف على صديقة الشاعرة هذه أو تلك ، وكأن الإنسان المعاصر أصبح يمارس الحب بنفس السهولة التي يغير فيها ملابسه . لهذا انقلب الإنسان على نفسه وصار الحب لديه يأتي بلا موعد ويمضي بدون استئذان ، وتحول الحب من كائن أسطوري جميل إلى مخدر جنسي مؤقت .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 10:33 PM   #4
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

افتراضي


- الهدف من الدراسة


الحديث عن الموت ، سواء في أحضان المحبوب أو في حال فقدانه كما عند الهنوف بنت خالد على سبيل المثل يمثل موقفاً فلسفياً قائماً على النظرة الوجودية للحياة والإنسان ، ويقل هذا الهاجس الإنساني أو يتحول إلى حالة أخرى كما عند بلقيس إلى بكاء ودموع ، وهذا سببه الخوف من الضياع وخشية الفراق أو استمرارية الفراق ، والإحساس من طغيان الشعور بالسأم والحزن . قد تكون صورة الرجل في هذه النصوص غير حقيقية بالمفهوم العام للأشياء , أو أن الشاعرة غير دقيقة في تصويرها لنا , لكن مشاعرها المنفلتة كما في الحديث عن الخيانة أو المكبوتة الراغبة برسم صورة تأطيرية للرجل ، هو ما يلون لها الأشياء من حولها , ويمنح مكونات الطبيعة الإضاءة الشعرية التي تسعى إليها هذه الشاعرة أو تلك , فالحديث عن البكاء أو الموت في الحب أعلى درجات الحب ، وهو التجلي في حضرة المحبوب عن طريق الإنغماس باللحظة العاطفية ، للوصول لدرجة الإنتشاء والصعود الوجداني المتدافع لبلوغ أو تمني النشوة المرجوة من حرارة اللقاء . والموت العاطفي عشقاً وغراماً مشابه للذوبان والتلاشي والغياب والإستغراق في جماليات اللحظة الوجدانية , لبلوغ الغيبوبة العاطفية , وهي سكرة من سكرات الموت العاطفي الوجداني الغارق في ملكوت الحب .
ليس المراد من هذه الدراسة ، عكس صورة توثيقية للمحبوب في نظر الشاعرات ، فهذا الأسلوب من القراءات سهل التناول ، ومن الممكن أن يقوم به أي كاتب آخر ، لأنه يعتمد على مجموعة صور أو عدد من اللقطات التي يتم التقاطها بيسر وسهولة ، ثم وضعها فيما بعد في سياق معين تسمى قراءة ، ولأنني اعتمد في كتاباتي النقدية على المؤشر اللغوي لا المؤثر اللغوي ، لأن المؤشر اللغوي متعلق بالدلالة اللفظية للكلمات , بينما المؤثر , هو مؤثر خارجي كمؤثر سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي أو ديني ، وهذا التوجه من التناول الأدبي لا أرغب به ولا أتحمس له . لهذا فأنا في هذه الدراسة سأركز على اقتناص الزوايا الخفية لاكتشاف مدى تأزم الموقف الإنساني بين الشاعرة كأنثى عاشقة وبين الرجل كمحبوب لهذه المرأة ، معتمداً على إمكانية تلمس مفتاح هذه العلاقة لأتمكن من خلاله النفوذ إلى عالم المرأة الشاعرة , للملمة خيوط العلاقة الإنسانية بينها وبين الرجل كمحبوب أو كإنسان خائن وغدار ، كما هو الحال عن العنود بشكل مكشوف ، وعند الهنوف بنت خالد بدرجة أقل ، وعند استقلال كذلك ، بينما تقل هذه النبرة إلى درجة شبه الإنعدام كما عند بلقيس وسكون وشمس نجد .
صورة الرجل في شعر المرأة مرتبطة بالحب , أو الموقف الإنساني الوجداني من خلال النظر له كمحبوب , ومحاولة هذه الشاعرة أو تلك اقتناص الموقف الإنساني الذاتي الخاص بها ، تجاه هذا الرجل المحبوب ، وعلى هذا الأساس قد يختلط هذا الموقف بالحب ، حيث من الإمكان الحديث عن الحالتين باعتبارهما حالة واحدة , من أجل تخليص القراءة من الوقوع بإشكالية الوقوع بأزمة البحث عن مصطلح .
النظرة الذاتية التي تتعلق بموقف المرأة من الرجل ، لن تتغير ، لكن من الممكن أن تتطور حسب تراكم الخبرات وتقادم سنين التجربة الشعرية ، لأنها أشبه بالبصمة ، إلا ما ندر من بعض التصرفات أو المواقف الشاذة التي تؤكد ثبوت القاعدة . فالشعر بصمة روحية لا يمكن أن يتخلى الإنسان عن بصمته ، لكن من الممكن تطويرها ، والزمن كفيل إما بإبراز هذه البصمة بوضوح أو كفيل بضمورها . وهذا الحديث عن البصمة يجعلنا نضطر للحديث عن الفرق بين المؤثر والمؤشر لفهم المراد من البصمة ، فالمؤثر شيء خارجي لا علاقة له داخلياً بنص الشاعر ، كمؤثر سياسي أو اقتصادي أو قبلي أو ديني أو وطني ، أما المؤشر فهو المتصل بالإيحاء الدلالي للمفردة ، وعن طريقه تتم محاولة الدخول إلى النص الشعري لاقتناص فكرة أو اتجاه معين او التعرف على موقف فلسفي خاص بالشاعر أو الشاعرة ، وهو من الممكن ان الشاعر لم يأبه به في الدرجة الأولى, ولم يعنِهِ , لكننا نفهمه بطريقتنا من خلال اعتمادنا على إيحاءات العقل الباطني للوصول إلى رؤية معينة تختص بالشعر والشاعر في حقبة زمنية معينة من حياته .
كانت محاولة نشر فكرة هذا الموضوع ، قد فتحت لي المجال وجعلتني أتعرف على تجارب شاعرات لم يكن لهن أي حسبان حقيقة في سلم إهتماماتي ، ولو كانت الفكرة مختزنة في ذاكرتي ، وبدأت تطبيقها دون علم من أحد ، لضاعت مني تجارب شعرية جميلة ، تستحق الإهتمام مني والكتابة عنها كسكون واستقلال والهنوف ، أما بلقيس والعنود وشمس نجد فقد كنت أتابع هذه التجارب بصمت وهدوء .
العسير في هذه الدراسة أنها جديدة في نوعها ، إذ أنها لم تُطرق قبل هذه المرة ، لا في الأدب الشعبي ولا في الأدب العربي الفصيح حسب علمي وإطلاعي ، ولم أجد شيئاً في هذا المجال أقف عليه لمن سبقوني ، ليعينني على مواصلة هذا الطريق ، كما أن الدراسات في الشعر الشعبي ضحلة ، علماً بأن الشعر الشعبي يعد بكراً في هذا المجال ، وكل شيء قابل للبحث والتنقيب ، وما على الباحثين في هذا الحقل الأدبي إلا تحفيز الهمم وتشمير السواعد للبدء بخوض غمار هذا المضمار ، وهذا ما جعلني حقيقة أقاسي مقاساة شديدة ، وهو عدم وجود شيء محوري أرتكز عليه ، لهذا قمت بقراءة كل نصوص الشاعرات اللائي تقدمن بإنتاجهن ، ثم عملت على فرز نصوص كل شاعرة على حدة ، من الشاعرات اللائي وقع عليهن اختياري واقتنعت بإنتاجهن الأدبي ، وأنه سيخدم هذه الدراسة ، مركزاً على التغلغل في أجواء النصوص دون المرور العابر السريع ، انتصاراً لذائقتي وتقديراً لهذا العمل وإنصافاً للشاعرات موضوع الدراسة .
ومادام هذا العمل متصل بالشبكة العنكبوتية ، وأنه ليس هناك دواوين مطبوعة أستطيع الرجوع إليها ، لهذا سأنوه هذا التنويه ، الذي سأوجه من خلاله شكر خاص لكل من سكون واستقلال وشمس نجد وبلقيس ، حيث قامت الشاعرات الثلاثة الأوائل بإرسال أعمالهن الشعرية دفعة واحدة ، بينما اكتفت بلقيس بالتنويه إلى ديوانها الموجود في شظايا ، أما العنود و الهنوف ، فلم أجد منهما أي تعاون في هذا المجال .
قد يتبادر سؤال إلى ذهن المتلقي : لِمَ كل هذا الإهتمام بشعر الشاعرات ؟ . وهذا السؤال من الطبيعي أن يُطرح ويناقش بكل شفافية ووضوح ، باعتبار أن التمايز بين النصوص الشعرية النسائية غير واضح ، بل يميل إلى التقارب نوعاً من ما , وهذا بشكل عام تقريبًا .
وللإجابة على هذا السؤال ، من السهل الولوج إليه بيسر وسهولة ، دون عناء ومشقة ، وهو ان العدد الغالب من الشاعرات الشعبيات , وخاصة في هذه المرحلة متقاربات من حيث المشاركة بالهم الإنساني العام ، وكذلك من حيث تقارب الخطوط البيانية بين تجارب الشاعرات ، لهذا فمن الطبيعي وضع هذه الأسماء في دراسة واحدة نظراً لتقارب مستوى الأداء الشعري لديهن ، هذا أولاً . وثانياً ، محاولة لإنصاف الشاعرات في هذه الأجواء الملبدة بالغيوم ، إما من أجل تسليط الضوء على الجوانب الجيدة في تجارب الشاعرات المعنيات بالقراءة ، أو للرغبة الصادقة من كاتب هذه السطور ، وذلك بالسعي الدؤوب والحثيث على تحسين تجارب الشاعرات الأخريات ، من أجل الرقي بمستوى الحركة الشعرية النسائية قدر الإمكان ، ومن ناحية ثالثة تسليط الضوء على هذا الجانب المهمل بعمد أو بلا عمد ، وإن كنت فرداً في هذا المجال الآن ، فيمن الطبيعي أن الخير موجود في الناس ، وانه عدد لا بأس به من الكتاب والكاتبات سيواصلون المسيرة من بعدي ، وقد يتفوقون علي تفوقاً نوعياً وفريداً .
لهذا أسعى ما أمكنني ذلك ، إلى تجنب الفهم التسطيحي للشعر من خلال الشرح المباشر ، حيث سأصب اهتمامي على المفردة اللغوية أو الصورة الشعرية لدى الشاعرات , للوصول إلى المراد الذي أسعى إليه . ولا ادعي أنني متميز في هذا المجال ، وان لا أحد لديه القدرة على الإتيان بما جئت به ، بل هي محاولة تحتمل الفشل أثر من إحتمالها النجاح ، لهذا سأسعى جاهداً للوصول بهذه الدراسة إلى الغاية المنشودة لها ، ما أمكنني ذلك ، والله ولي التوفيق فيما نقول ونفعل .
وقبل الإنتهاء من هذا الكلام للدخول إلى الدراسة ، وتناول تجربة كل شاعرة على حدة ، أود التوقف هنا ، عند علاقة الشاعرة مع الشعر من حيث التعاطي فيما يخص هذا الجانب .
إن محاولة بعض الشاعرات كسكون وشمس نجد وبلقيس للمزج بين المحبوب والشعر ، الذي يعتبر صناعتهن الأدبية التي عن طريقها يخاطبن الناس , ويتحدثن بها عن ذواتهن , ما هي إلا محاولة لمزج الإثنين في واحد ، أي أن كل شاعرة منهن قادرة على ابتكار قصيدتها وبعثها لنا من عالم العدم ، تريد أن تُمنّي نفسها بإمكانية خلق الرجل الذي تريد ، أو أنها تسعى لرسم الملامح الفيزيائية للحب بنفس الطريقة التي تتعامل معها في كتابتها للنص الشعري . فحينما تجد المرأة الشاعرة الصعوبة في التحكم أو تملك المحبوب ، أو تشعر بعدم مقدرتها على إمكانية رسم صورة المحبوب بالطريقة التي تريد ، تلجأ للشعر كتعويض نفسي بالدرجة الأولى ، لأنه – أي الشعر – هو الأداة الطيعة في يدها ، لهذا تحاول من خلاله رسم صورة المحبوب المختزنة في مخيلتها ، بعد أن أعوزها الواقع والمحبوب نفسه بعدم الإنسياق معها لِماَ تريد .
وعلى هذا فالشاعرة تحاول خلق حالة من التوازن بين الداخل النفسي المتمثل بالشعر ، والخارج المادي المتمثل بالمحبوب , وهذا الإجراء متنفس للشاعرة بسبب إحساسها بالضعف والتشرد الذهني .
وقد تكون هناك نظرة أخرى لا علاقة لها بما سبق ، إذ يكون من الممكن أن الشعر محبوب آخر ، لكنه محبوب معنوي مجرد ، لهذا تتغزل به الشاعرة وتتغنى به وفق ما تريد .
... وقبل الدخول لموضوع الدراسة , وتناول شعر كل شاعرة على حدة , أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لي التوفيق فيما أقول وأفعل , إنه وليّ ذلك وهو القادر عليه .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 10:34 PM   #5
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

الصورة الرمزية محمد مهاوش الظفيري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 725

محمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


شمس نجد








تقول شمس نجد في نص " البارحة ... كنت الوحيد "

ياسيدي ... هاااانت
باقي دقايق من عمر ... انزع بها شوك الجراح ...
أودع أحلام السهر ...
واللي صفالي من الدهر
لقد كررت الشاعرة " يا سيدي ... هااانت " في بداية أكثر مقاطع هذه القصيدة ، وهو دليل على سطوة الحب عليها ، ورغبتها في المحافظة على وجود مسافة تفصل بينها وبين المحبوب ، كما سيمر معنا في هذه القراءة ، حيث نجد أنها تحاول أن تصنع بينها وبين المحبوب مسافة لا تريد تجاوزها ، إما خوفاً من الإقتراب منه ، أو خشية اقترابه منها ، أو لأنها تريد أن تراه بوضوح ، لهذا فهي حينما تأتي لحظة الإنصهار واللقاء المباشر ، تلجأ إلى أحضان الطبيعة من حولها وتشغل نفسها في التفكير أو تأمل الأشياء التي تحيطها , وهي في هذا الشأن تنصهر في السياق الإنساني الذي يفرض عليها الإعتراف بحتمية عدم التكافؤ , وعدم النظر إلى المعشوق التي تراه الأخريات في هذه القراءة . غير أننا نلمس هنا دلالات الخضوع الأنثوي من خلال تكرارها الواضح لمفردة " سيدي " حتى في أثناء وقوفها موقف الغضب كما هو في النص . لكن حرارة الحب ظلت مشتعلة في وجانها . رغم وقوفها هذا الموقف ، حيث تقول في المقطع الأخير من هذا النص كتدليل على هذا الموقف الإنساني الداخلي " لا ينشغل بالك تعب " وكأن مفردة " سيدي " لم تمكن الشاعرة من الوصول لما تريد من إيضاح مدى خوفها عليه وحبها له ، حتى في ساعات الغضب واقتراب لحظات الرحيل .

ياسيدي هاااانت
اليوم يعلني السفر ... وبأرحل أنا لوقت بعيد
علاقة الشاعرة شمس نجد مع السفر والرحيل تتجذر معها في رسم ملمح المشهد العاطفي ، بما في هذا السفر من غياب ورحيل وضمور . لهذا فهي يتجاذبها شعوران من خلال قراءتنا لنصوصها الشعرية ، شعور النفور من المحبوب أو إحساسها بضرورة وضع مسافة فاصلة بينهما وشعور الإستغراق في اللحظة العاطفية معه . وفي كلا الشعورين تحاول الشاعرة البحث فيهما عن ذاتها ، في الشعور الأول شعور الإحساس بضرورة وجود مسافة تفصل بينهما نرى أنها في هذه المحاولة ، تحاول تحقيق التوازن الواقعي فيما بينها وبينه ، أما شعور الإستغراق في اللحظة العاطفية والإندماج بلذة المشهد لخلق حالة من التوافق النفسي بينها وبين الحب بالدرجة الأولى قبل المحبوب من خلال هاجس الغياب الذي يعتبر المحصلة النهائية لهذين الشعورين

ياسيدي هاااانت
ولا تسأل أحجار الطرق ... عني أبد
كل الجهات الأربعة ... في ناظري نفس الطريق

الهروب من مواجهة العاشق والإرتماء في أحضان الطريق الذي يمثل الغياب وعدم الحضور ، لأنها ورغم ما بها من حب تجد أن الفراق هو الفضاء الأرحب الذي تحتاجه . لهذا فهي تجد لذتها في الرحيل والغياب . وذلك من أجل تخيل المحبوب والعيش معه بالطريقة التي تريد ، لأن السفر عندها ليس غاية بحد ذاته ، وذلك واضح من قولها " كل الجهات الأربعة .. في ناظري نفس الطريق " فهي تريد الإرتماء في أحضان البعاد من أجل أن تخلق لنفسها مسافة تمكنها من التلذذ بهذا الحب وإمكانية تخيل المحبوب بالطريقة التي تريد .

على صدر بابك
دقيت الجرس ... مرات
يا إنت
هو طوّل غيابك
أو ليلي ... اللي خان
أبطى
وما جابك
لعل جمالية هذا المقطع انه لم يتغلغل في رسم الصورة الذهنية المتصلة بالرجل كمحبوب ، إذ انساب المشهد العاطفي ليدخل في " الليل " باعتباره وجه آخر للخيانة التي تقاذفتها بعض الشاعرات بأشكال مختلفة ، لكن تعامل هذه الشاعرة مع هذه الإشكالية النفسية ، كان تعاملاً شفافاً ، إذ أنها خلعت هذا الرداء وهو الخيانة ، على الليل الذي حرمها من مجيء المحبوب سواء المجيء الحسي المادي أو الحضور المعنوي المجرد , وهي في تناولها لهذه الزاوية أرادت الإنزواء لتأمل الموقف بالطريقة التي تشاء .

في زحمة الشارع ... وقف
طيفك يعاتبني
صورة المحبوب تمتزج بالشوارع ، بعيداً عن أحلام سكون أو تمنيات استقلال الزامل ، محاولة الاندماج بالناس والحياة ، وكأنها تريد المعايشة الفعلية مع الواقع حتى تتمكن من رؤيته بالطريقة التي تفضلها . فعلى الرغم من هذه الرغبة في الإسترخاء بين أحضان الغياب والاندماج في الزحام ، يطل عليها المحبوب من خلال طيفه ، لكن بصورة مغايرة وكأنه استشعار منه وتوجس من غيابها المستمر بين السفر والترحال والشوارع والأرصفة .

في زحمة الشارع
عبر
كل الحنين
امتزجت ملامح المحبوب بالسفر والشوارع والحياة العامة , فهذا التعامل مع الشارع كمؤشر على الغياب والرغبة في الإندماج بصخب الحياة للهروب من لهيب الحب ، إلا أنه يطل عليها بين الفينة والأخرى بأشكال متعددة , من خلال العتب كما مر معنا قبل قليل أو من خلال الحنين كما هو معنا الآن .

طول الطريق
كان الرفيق ... يرسم سوالف عابثة

ثم تقول بعد هذا الكلام من نفس النص الذي يحمل اسم " طعم الشوارع غير "

وابلا وعي
أرجع أقووول
بالله عيد السالفة
وعيوني باقي معلقة
على الشوارع غافية
هنا تختلط الأرصفة بالحب والشوارع بالمحبوب ، كمؤشر على تعلق الشاعرة بالواقع أكثر من انسياقها وراء اللحظة العاطفية . فهذه المحاولة للهروب من الإستغراق في اللحظة الإنسانية للحب في مسألة التواصل المادي أو الروحي مع المحبوب , واضحة في هذا المقطع ، لهذا تلجأ الشاعرة شمس نجد إلى تأمل الأجزاء الجانبية للحياة , سواء الأرصفة أو الشوارع أو إشارات المرور كما هو في النص ، حيث تقول في نفس هذا النص .

في ضجة الشارع
كانت إشارة
تمنحه بعض الثواني .. من نظر ..

غير أن هذا المشهد لتأمل الأجزاء الجانبية للحياة ، لم يقتصر على هذا النص ، فهو موجود في العديد من نصوص الشاعرة الأخرى , وكأن الشاعرة بهذا الإنشغال لا تريد النظر إلى المحبوب بعيونها بشكل مباشر . وهي بهذا الإجراء تتهرب من الإستغراق باللحظة العاطفية ، لتنأى بنفسها عن أي سياقات عاطفية أخرى من أجل تصوره وتأمله بالطريقة التي تريد .

وبصوته المتعب يصيح
طعم الشوارع غير

ينتقل الإحساس بالغياب من الشاعرة إلى المحبوب في محاولة من الشاعرة لمزيد من التغلغل بالموقف ، وفي هذه الحالة أرادت دخوله هنا من أجل أن يشعرها بالأمان بعد كل هذا الشتات والغياب ، ليعلن لها من خلالها رغبته بها ، في الوقت الذي هي تريد ذلك .

نخفي ملامحنا كثير ..
ونختفي ..
خلف الستار ..
والخوف يقتلنا كثير ...
لا ننتهي
بين الزحام
وما بيننا ... صمت طويل
ما ينتهى .. مثل الحصار
استمرارية الغياب تتواصل ممتزجة بحب الإنطواء خلف المجهول , من أجل رؤية الواقع ، بما في هذا الواقع من خصوصية ذاتية للشاعرة ، تتعلق بتأمل المحبوب . إنها تتعامل مع الغياب من باب الفعل " نخفي " وردة الفعل " نختفي " ليتشكل لها المشهد العاطفي بطريقة تواصلية " لا ننمحي بين الزحام " وأن كل شيء فيما بينهما " ما ينتهي مثل الحصار " إنه الاستغراق في اللحظة في لحظة الغياب ، هنا يتمازج كل شيء بكل شيء ، الملامح بالزحام والصمت بالحصار . في هذا الكلام رغبة في التغلغل والإستغراق في اللحظة العاطفية من خلال تقمص الهم الإنساني والمعايشة الآنية المتواصلة مع الحب والتلذذ فيه .
إنها تحاول رسم صورة للبعد والفراق بطريقة شاعرية جميلة خالية من التشنج والعويل العاطفي المدوي , فالشعور بالغربة جعل الشاعرة تبحث عن الحياة في أحضان الغياب من أجل الإستغراق باللحظة العابرة في تأمل المحبوب , فالشاعرة هنا كما في العديد من نصوصها تحاول الإستمتاع بالحالة الإنسانية الوجدانية من خلال الإستغراق في الغياب والإنغماس الذهني والنفسي فيه ، لتصنع لنفسها العالم الذي تريد ، وهذا الموقف سيمر معنا بعد قليل ، حينما نقف عند تعاطي الشاعرة مع الشعر باعتباره وجه آخر للغياب في هذه الحالة .
كما شاهدنا في هذا المبحث اختلاف تعاطي الشاعرات مع الشعر حيث كان لسكون توجهها الخاص بها , الذي اختلفت عنه بلقيس ، أما الشاعرة شمس نجد فلم تكن في منأى عن هذا التعاطي وإن اختلفت الأساليب حيث تقول الشاعرة شمس نجد في هذا السياق

في ليالي البرد
كل القصايد تكتمل

ثم تقول في مكان آخر ، لكن من ضمن هذا السياق

يا كيف أنا ...
أنسى الشعر
وأنسى ... كتابات الفجر

غير أن هذه الحالة التواصلية مع الشعر تستمر مع الشاعرة في هذا الإطار ، حيث تقول في مكان ثالث من فضائها الشعري

ضاع الحبر ... في داخلي
وأمسى الورق ..
كله بياض
المتأمل لهذه المقاطع الثلاثة في الكلام السابق , يجد أنها تشترك في عنصرين مهمين لهما علاقة بالغياب الذي تناولناه في معرض حديثنا عن علاقة الشاعرة شمس نجد مع الرجل كحبيب وكمعشوق .
العنصر الأول : عنصر الشعر الذي جاء في هذه المقاطع بأشكال مختلفة ، غير أنها تدور حول المحور الأساس لموضوع البحث المتصل بتجربة الشاعرة الذاتية ، حيث جاء مرة من خلال إيراد الشاعرة لمفردة " القصايد " كما في المقطع الأول ، ثم تحور هذا المفهوم في المقطع التالي إلى " الشعر " أما في المقطع الثالث والأخير جاء من خلال عبارتين الأولى " الحبر " والثانية " الورق " وهي – أي الشاعرة – في كل هذه التحويرات كانت تعني به الشعر الذي يسكنها ويمنحها التواصل عبر هذا الغياب ، فحينما يستعصي عليها وصف حالتها العاطفية تلوذ بالشعر ، لأنه عالمها الطيع الخاص بها ، الذي من الممكن السيطرة عليه وتوجيهه وفق الطريقة التي تشاء ، إلا أنه من هذه الزاوية متصل بعنصر آخر اتصالاً مباشراً وملازماً له ، وهو يتوافق مع العنصر الأول ضمن هذا السياق .
العنصر الثاني : عنصر الليل ، إذ ارتبط الليل بالعاشقين وتلازم العشق مع الشعر ، حيث أن الشاعرة أتت بهذا العنصر بأنواع مختلفة كذلك ، فقد جاء في المقطع الأول بصيغة الجمع " ليالي " ليتناغم مع " القصايد " التي جاءت بصيغة الجمع هي أيضًا ، ومن مفارقة الأشياء أنهما كلاهما جمع تكسير " ليالي – القصايد " ولعل في هذا التوافق علاقة بالغياب الذي يمثل انكسارًا نفسيًّا ورغبة في الإنزواء ، ومفردة " ليالي " جاءت مقترنة بالشتاء كدلالة على السكون والهدوء اللذين يشعر بهما المرء بحتمية الإستسلام للغياب ، ثم جاء في المقطع الثاني من خلال مفردة " الفجر " والفجر آخر مساكن الليل وأول درجات النهار ، وفيه شيء من الظلام والهدوء والسكينة ، ثم جاء المقطع الثالث من خلال الفعل الناسخ " أمسى " الدال على الليل .
في عودة لقراءة أو تأمل الكلام السابق ، سواء المقاطع الثلاثة أو الكلام المبسوط بعدهما ، نجد أن الشعر والليل يتوافقان مع السكون والهدوء والشعور بحميمية الغياب ، فالشاعر او الشاعرة لا يأتيه الشعر في الغالب إلا في هذه الأوقات ، حينما تخلد الأشياء من حوله للراحة ، والشعر له علاقة بالغيبوبة التي تختلف درجاتها بين شاعر وشاعر ، والليل لا يستطعم الإنسان جماله الروحي والنفسي إلا في لحظات الهدوء والسهر مع الشعر أو مع الحبيب بعيداً عن صخب الدنيا .
من خلال ما سبق نجد أن الشاعرة كانت تتلذذ بالغياب , وإن حاولت الإفلات منه في بعض المرات إلا أنها تستمتع بعدم رغبتها بالوصول ، وتلذذها بالسير ، لهذا فهي لا تريد الإتصال بقدر ما تعشق التواصل ، سواء في تعاملها مع الشعر أو في تعاطيها مع المحبوب ، ولعلها عبرت عن نفسها خير تعبير كما في نص شعري لها بعنوان " الوقت ساكن " لكن بشيء من الومضات , ومن خلال بعض هذه الومضات نستطيع اكتشاف نفسيات غائرة في العقل الباطن ، حيث تقول الشاعرة

يا ليتنى كالطير
ثم تقول في نفس هذا النص ولكن بمكان آخر

يا ليتنى سهيل
ففي كلا هذين التمنيين المقرونين بالحرف الناسخ " ليت " الدال على التمني ، إلا أنه تمني قاصر غير منطلق ، فالطير مهما ارتفع فإن مصيره السقوط ، وكذلك سهيل الذي لا يخرج إلا في فترة معينة ولا يصل إلى هدفه المنشود كما في الأساطير الشعبية " فزعة سهيل للجدي " الذي يختفي بعد أن ينتصف به الطريق ، وكلا هذين التمنيين تعبير عن رغبة الشاعر بعدم الوصول والإتصال المباشر ، وإنما هي تتلذذ بحميمية علاقتها مع الغياب ، وهذا التمني له علاقة غير مباشرة بموقفها العام في علاقتها مع الرجل كمحبوب ، إذ أنها لا تحبذ الإستغراق في الحالة الوجدانية بقدر ما تستمتع من رغبتها بوضع مسافة تفصلها عن الأشياء لتتمكن من رؤيتها من خلال تدثرها بالغياب .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 10:36 PM   #6
محمد مهاوش الظفيري
( قلم نابض )

الصورة الرمزية محمد مهاوش الظفيري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 725

محمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعةمحمد مهاوش الظفيري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


وبعد هذا العمل الذي شمل عدد من الشاعرات
توصلت في خاتمة هذا البحث الذي أخذ مني الجهد والوقت لهذه الخاتمة



- الخاتمة




قد يتساءل متسائل ، لماذا هذا العدد بالذات من الشاعرات ؟؟ رغم أن الأداء الشعري في هذه النصوص متفاوت بشكل ملحوظ لكل قارئ للنصوص الشعرية , والإجابة على هذا السؤال ، أقوله له : نعم ، هذا السؤال مشروع طرحه ، لكن الجميع يوافقني أن هذه النصوص المقدمة لأصحابها ، على الأقل للقارئ الذي يسعى لإرضاء ضميره بالدرجة الأولى ، فسواء سكون أو بلقيس أو استقلال أو الهنوف أو العنود أو شمس نجد ، يجد المتبصر بقراءة هذه النصوص , أن هناك خطأ بيانياً يحكم مسيرة كل شاعرة , وإن تفاوت الأداء الفني فيما بينهن ، ولكي نتعرف على هذه النقطة ، يجب علينا إدراك هذه الحقيقة ، أن المرأة تتباهى بنعومتها الأنثوية ، عكس الرجل الذي يتفاخر بالصرامة ، وكلما كانت المرأة أكثر نعومة كانت أكثر قبولاً وجاذبية ، فهذا الوضع الأنثوي الخاص انعكس على أدائها الشعري , الأمر الذي ولّد ظهور عوامل تدل على شعر المرأة , وهذه العوامل هي ثلاثة عوامل :
العامل الأول : إ
ن الإيقاع الموسيقي في قصائد النساء غير منضبطة ، ويعاني من خلل نغمي وخاصة مع القصائد العمودية ، ولا أقول بأن هذه الظاهرة واضحة بشكل مطلق ، لأن التعميم هنا فيه منقصة للعقل وتحجيم للكرامة الإنسانية ، منقصة للعقل بالنسبة لكاتب هذه السطور ، وتحجيم للكرامة الإنسانية بالنسبة للشاعرات .
العامل الثاني :
ذبول الصورة الشعرية في نصوص الشاعرات ، حيث أن الكثير من المفردات الشعرية تأتي بلا نكهة ، كما أن مواقفهن الإنسانية فيها اندفاع وانتقالات حادة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، مما أثر هذا الإجراء على مستوى الصورة الشعرية لديهن .
العامل الثالث :
نصوص النساء الشعرية خالية من الغموض ، فكلما كانت لغة الشاعر فريدة ، كان التعامل مع الغموض أكثر رقيّاً ، فالشعر ليس مسلمات عقلية جاهزة كالحكم والأمثال والنصائح وكتابة رسائل التعزية ، بل هو انفتاح على الفضاء الروحي للإنسان والتغلغل إلى أعماقها ، وليس أن يكون لكل شاعره جمهورها الذي ينتظره ، فالشاعر الجميل والحقيقي المبدع ، مثل النبي , والنبي حينما يرسل أو يبعث لا يكون أتباعه ينتظرونه ، بل هو من يصنع الأتباع ويجمع القلوب حوله .

من عيوب هذه الدراسة بالنسبة لي ، أنني أتعامل مع نساء ، لا من حيث التنقيص من مكانتهن أو التقليل من كرامتهن ، بل لأنني أجد نفسي في بعض المرات أقف خارج الخطوط ، ولا أستطيع أحياناً الثبات على الخط الفاصل بين الأشياء . ولو كانت هذه الدراسة عن شعراء رجال ، لهان عليّ الأمر ، لكن الإحساس بمسئولية أمانة الكلمة منحني مرونة التحرك وقوة في الثبات على مبادئي . لهذا قمت بالتغلغل إلى العمق النفسي للمرأة لكشف مدى بعد العلاقة الإنسانية بينها وبين الرجل كمحبوب ، بعيداً عن الفهم التسطيحي للأشياء ، كالموقف من الوالد أو الجار أو الرد على شاعر آخر ، لأنها في هذه الحالة تتعاطى بمعزل عن أنوثتها .

من خلال ما سبق ذكره ، يتضح لنا أن المرأة جداً بسيطة في عواطفها بشكل عام ، فهي متشبثة بالرجل وخائفة منه وخائفة عليه , متشبثة بالرجل لأنها كائن أنثوي ضعيف لا تجد استقرارها إلا بجوار رجل يحبها ويعشقها ، وخائفة منه , أن لا يكون يبادلها نفس الإخلاص , وخائفة عليه , أي أنها خائفة من ضياعه منها وارتمائه في حب امرأة أخرى ، فهذا الفهم البسيط المباشر يعكس مدى عدم قدرتها على التغلغل في أدق تفاصيل الحب وأنها سطحية في هذا الفهم , فهي لا تريد من الرجل إلا الرجل نفسه , عكس الرجل الشاعر الذي لديه القدرة على احتوائها وتجاوزها في شعره , عن طريق الإسقاطات الخارجية التي يقوم الشاعر بتوظيفها في نصوصه الشعرية بشكل مدروس ومحكم .

 

محمد مهاوش الظفيري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 11:19 PM   #7
عبدالله العويمر

شاعر و كاتب

مؤسس

الصورة الرمزية عبدالله العويمر

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1114

عبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعةعبدالله العويمر لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


الجميل



محمد








نص واسم يستحقان التمعن




نص جدير بهكذا قراءه



سررت ُ بقراءتي لحرفك




















































كل الشكر لك يامحمد

 

التوقيع

عبدالله العويمر لاينتمي لأي مجموعه!


التعديل الأخير تم بواسطة خالد العقيل ; 03-01-2009 الساعة 11:34 PM.

عبدالله العويمر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-01-2009, 11:41 PM   #8
حمد الرحيمي

كاتب

مؤسس

افتراضي





محمد مهاوش الظفيري ...



جهدٌ جميل و دراسة موفقة لشاعرة جميلة رقيقة الحضور و الغياب ...






شكراً لإمتاعنا ..

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حمد الرحيمي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:23 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.