تفاحةٌ مُحرّمة - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75153 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 785 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-2010, 01:42 AM   #1
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي تفاحةٌ مُحرّمة







مساءكم وَ غيمة ماطرة
مساءكم و البذخ الأدبي
كما تشتهون و كما تشاءون

محاولة روائية نثرية آمل أن تراقص قراءتكم وَ تُسامر عطاءكم



الإهداء /


لمن جعلوا حياتي مُختلفة عَنْ الآخرين ، أبي و أمي
لكم أنفث المسك و العود يا ريحان حياتي


* شكراً جمّاً للفاضلة عائشة المعمري على تفضلها بمساعدتي بخدمةٍ مَا

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2010, 01:44 AM   #2
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي



المقدمة :

في وَسط زُحَام الأحلامِ وَ الآمـال تَصْطَدم قافلة الإرداة فِي رصيف الوَاقعِ ، وَ تحكيْ هُموماً لِصوتِ العقل بالداخل .
حتى تتمازج أضواء التحدي المعقول لتُزيح جمودِ السائد المنقول في صفحةِ السَماء ، وَ رُبما تُصيبنا حُمى تأخذنا للسباحةِ ضد التيار !
فَلا يبقَ مِنْ بَيْن أرصفة التبعية نبضاً سِوىَ لمحات خاطفة تهيأت لأن تُبذر فيْ قِفارها جنائن مُعاكسة للريحِ وَ قطافها موسماً لا يحينْ .
وَ لنْ ننتظر التأجيل لأن نقطف خضاراً ، بلْ سنتمرد على تلك المدن الصماء التي مكثتْ تَلْهو بِنَا ثُمَ سلِمتنا لِطقُوْس كينونة الرفع حتى إشعارٍ آخر ،

وَزرعتنا غَلات فِي قفار قطافه في كل موسم يكون نصف مستوٍ / سام
" وَ لنْ تُقطف سنابلنا ، وَ لنْ نُسقى بأجاج ملحهم "
أكوابُ الإنكار وَ الرفض سَنَتجرعها بتوازن عقلاً على عقل ، وَ سنتراكض فِي رحاب العقل لنسمع نبض الخُطى السابقة

في تِلك الأصقاع المُتجمدة جفاءاً بفعل تأكسد إنزيم الجمود و طفرته المشتعلة ما بين تحريم وَ وجوب ..
سأحاصر بعض الأطواق المتعبة ، و قدْ أغيب قليلاً في ظل السرد
أوْ قّد ينسيٍ بعضي بعضي ..
سأجْعلَكم تَتهجئونَ مُعطيات " التحريم العُرفيْ " حرفاً حرفا ، ذاك الذي منه بُعث " التحريم " في كل إطارات حياتنا حيّاً

و على أثرهَ تسربلت التفاحة بعباءةٍ آثمة لا تنفك عَنْ أنقى التفاحات وَ أكثرها إستواءاً


.


.

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2010, 01:47 AM   #3
سميراميس
( Shouq )

افتراضي




(1)


مِنْ بَينْ صحيفتين وَ خمسة أقلام مُتباهية الألوان و مُصطفّة فيْ علبةٍ أنيقة ، تقبع أنثى خلف ذلك المكتب المعتّق ذوْ الإطارات الذهبية

وَ تبدوْ مُشْتطّة نوعاً مَا بعدما زجّت بالصحيفة جانباً بعد قراءة عامود صحفي اعتاد صاحبه على مُشاكسة أرائها وَ إختزالها و زميلاتها من النساء
في بوتقةٍ يفصلّها هو وَ تابعيه كما يشاءون و كما تُمليَهْم الأعراف الجامدة . لا تزالْ " دانة " تُراشق أفكارها الأزليّة الحديثة بفكرةٍ مفادُها :

" لقد تقرحّت مِنْ إرتشاف فناجين هذا الجدال البيزنطي مع هؤلاء وَ الرواسب المُرّة ، وَ مَا حصري في زاوية بسيطة في ملحقٍ لجريدةٍ توزّع يومياً بالمجان إلاّ منفى مُتاح لأفكاري ، لذا لنْ أتوقف وَ سأستمر فيْ الكتّابة وَ مشْط كلماتهم الأحادية "

يقطع جمهرتها معْ الشذرات الباطنية تصاعد رنين الهاتف وَ تجيب : أهلاً دانة عبد الرحمن تتحدث
......... : طاب مساءك آنسة دانة معكِ صحيفة " الياسمين " الأدبية
دانة تستدرك هويّة الآخر جيداً بعينين مترقبتين : أهلاً بكم ، صحيفتكم منارة أدبية زاخرة بالعلامّات الأدبية الثقافية
مسئول التنسيق وَ النشر : يشرفنا أن نسمع هذا من الأديبة النائشة " دانة عبد الرحمن "
دانة مُتعجبة : شكراً جمّاً ، لقد منحتموني ما فوق المستحق بهذا النعت
مسئول التنسيق و نشر المقالات : هالةٌ أدبية أنتِ يا آنسة دانة ، و تقريظك للشعر و نثر المشكلات الإجتماعية بقالب أدبي أسر قراءتنا حقيقة
دانة مُنتشية : هلْ أعجبك مقال اليوم " زواج القاصرات إلى متى " ؟
مسئول التنسيق : جداً وَ مَا جعلنا نتفق على الإشادة بك هو قدرتكِ على زخرفة مواضيعك بأساليب أدبية و صيغ بلاغية لا تنفكْ عن طوق السياق الحاضن للقضية
دانة : جميلٌ جداً أنْ تكون الزاوية الصغيرة القابعة في أعلى الصحيفة متكأ لثمة قراءات
مسئول التنسيق و النشر : هذا مَا جعلنا نتصل بك يا آنسة دانة ، نحن نطمع في أن تنضمي
لكوكبة كُتابنا و أدباؤنا و ذلك بتخصيص عامود صحفي لكِ كل يوم " ثلاثاء " ما رأيك ؟
دانة تلجم المفاجأة : نعم وَ لكن
مسئول التنسيق و النشر : فكري بالأمر و نآمل أن تلبّي النداء بالإيجاب لأننا نحرص جداً
على إحتضان قلمك
دانة بأريحية : وَ هل سأحظى بمساحة حُرية شاهقة لبث أفكاري ! ،
أمْ أن هناك رابطة آخرى ستتكبد و تجاهد لتكنس ما أكتب كما هو الحال فيْ الصحف الآخرى !
مسئول التنسيق و النشر : آنستي دانة تعلمين جيداً نظام " الياسمين " و لا تخفيك نظرة المجتمع لصحيفتنا و إختزالهم لها بالتغريبية و المتعصرنة و ذلك فقط لأننا نعطي كُتابنّا مساحات شاهقة من الحرية
دانة : حسناً ، سأفكر بالأمر شكراً لك

سحبت الجريدة الأم التي تبنت موهبتها ككاتبة موهوبة بالأدب وَ تياراته ، و راحت تقرأ للمرةِ الثالثة مقال الكاتب " د . عبد الوهاب الصالح "
و هو يفنّد الأفكار التي بثتها في زاويتها المنكفأة عالياً في غُرةِ الصفحة الثقافية على اليمين .
صهلت داخلها مهرةً منتشيّة بعد الحنق إذ كيف لكاتب عتيق متفرد في عامود صحفي يسبق اسمه حرف الدال و بعمرِ والدي أن يولي زاويتي الصغيرة إهتمام ، بل و يزايد في كيل التهم و يجعل منها سيلاً ذو زبد و كأنه يهم بجرف الأفكار المخالفة له .
لم تتعجب دانة كثيراً لأن هذا الكاتب الحاصل على دكتوراه فيْ الفقه و التشريع لا يختلف عن بعض رفقاؤه من الحاصلين على الدكتوراه من نفس الجامعة المُجيزة ، نعم هم لا يختلفون أبداً بإيمانهم بالفكر الأحادي ، فهؤلاء وحدها أرائهم الصحيحة و دراساتهم المفيدة المُباركة ، وَ في الحقيقة نجد أنَّ تبريراتهم مستهلكة اعتادوا أنْ يرددونها بناءاً على التلقين المنقول لا على إستنطاق المعقول . تساءلت هل استمر فيْ زاويتي الصغيرة و يراقبني مَنْ لم أنتظر تعقيبه ليكرمني بعامودٍ صحفي و جزالةٍ جعلتني معرفة بعد كينونة كنت بها نكرة !
أمْ أغادر لأحلّق قي سماء لا سقف لها ..!
وَ كيف قد أجني ثمرة أو سوءة خط سيري إذا لمْ تشرعن حدود و إشارات !
لا تقلقي يا محبرتي و لا تسأم يا قلمي أنّ ما يظهر من تساؤلات على السطح هي نتائج حتمية خصوصاً بعدما صودرت وقفاتي حول " زواج القاصرات "
و تم إلصاق توجهاتي بالطيش وَ العصرنة ، و خصص لي الدكتور عبد الوهاب الصالح عاموداً صحيفاً بأكمله يفنّد و ينقض دلائلي و براهيني ، و لم يتوانى عن تفسيق أفكاري لمجرد أنني أنثى و الأنثى لديه غير قادرة على إستقراء أي وضع ، فما بالك بوضعٍ تقرّه ملكاته و تلهث له رغباته بين حين و آخر . لا تندثري ذعراً يا نقاط حروفي ،
نعم أنثى أنا يأخذ الحرف على محبرتي شكل المغفرة و الأنا ،
أنثى أنا ضاعفت حروفها هموم الجائعون للقاصرات ليتسابقون فيْ زجي في غياهب الطيش وَ اللا دراية .
أنثى أنا بنانها خالطت الآفاق أدباً و اهتزّت ثمة جدران ، لذا تخضبت البنان بقوى منطقية لا تأبه تفنيداً وَ لا تكترث لعامودٍ صحفي لمجرد طلاءها باللون الذي تريد على أظافر حرفها .
أنثى أنا نثرت لغة لم تستطع آفاق الأحادية أن تحمل رؤياها ، لذا ختم الدكتور عبد الوهاب نهاية مقاله الجائع الحانق " خلقت من ضلعٍ أعوج "
فكيف لها أنْ تأتي بإستقامة و براهين و فطرتها عوجاء !
و كأنه يستثير شبق الجوع عند المرضى ذوي الشغف بالقاصرات بغوايةٍ تراقص ثمة تفاحاتٍ طاهرة تنتظر قطفها من حدائق مقاله وَ التصفيق له .
و لمْ تخلو إشاراته لهم تحذيرهم من زراعةِ " تفاحة محرمة " في جنائنهم المُباركة ، لأنها سامة جوفاء قد تقيأ الدود في لُبها وَ لا سبيل لإصلاح ما تبقى من بستان التفاح ما دامت مغروسة به ، إلاّ بحرق جذورها تلك المحرّمة ، و لا مجرّماً لجنايته حتى البستاني ذلك الذي عُرف بحبه للأشجار و تشذيب عطاءها لمْ يفصح عَنْ ولاءه لتلك التفاحة لأنهم قدْ لقنّوه أنها محرّمة ، وليبارك الرب فيْ رجولته وَ عظمته لابد و أنْ يخرسها أو يكنس قولها لأنها لا تنتج إلا فساداً و شراً مستطيرا . و أي تفاحة تتمرد على شجرتها فهي عاقّة حسب منظور الدكتور عبد الوهاب !
و لِمَ يختزل كينونة الشجرة بمبادئه وَ التفاحة المحرّمة بالفكر المخالف له لست أعلم ! ،
و لكنها مبادئ الأحادية المستفحلة ناراً فيْ أفكاره و جماعته و شيوخه الأخر الذين لقنوه ذلك جيداً !
وَ أخيراً ألمح الكاتب الدكتور في عاموده الذي يضم من الحشو و الإستظهار ما الله أعلم به
فكرةٍ مفادُها مبطّن وَ كأنه يتجرع القول العربي الأزلي «ما للنساء والخطابة والكتابة ، هذا لنا ولهنّ منّا أن يبتن على جنابة»
قطفت دانة إشارته الرمزية و التي جعلها مبطنّة بإزارٍ مِنْ حرير وَ ستائر من هندباء بريّة
" أي تفاحة تتمرد على شجرتها فهي عاقّة ؟ "
و هل قصد أن يذكرني بقصتي الأزلية مع والدتي ؟
و من يكون و كيف يعلم .. !
سحقاً لهكذا فكر يختزلك بخطيئةِ أحدهم ، فقط لأنك غصن نبت من جذعِ تلك الشجرة !
أو لا يعلموا أن بعض الغصون تتبرأ مِنْ الأشجار !
حَزنٌ لَا يَسْتضيفْ فَرح في جوف دانة الآن وَ شَوْقٌ مَصْلوُب وَ رسول حظ لاَ يمَوت .
بيَن أصقَاعِها الوْقت يشيرُ حيْث اللاسعة إلا شهقتين وَ كأنه الموعد الذي لا يحين ، الموعد الذي تؤجله دانة في كل صُخب .
سُخطاً هَو ذلك ! َثمةُ عُريٌ يَلتهم إحتشام صمتها ، فالكلماتُ فيْ صدرها تبدوْ عاهرةٌ فِي جوفِ راَهبة سمَاوية ، تَسْتَنشقُ رائحة المطر وَ تزدري مِنْ خُبز المَوتى
الأدْخنة تَتشكل فِي الغَسق لَتُعلن لها عَنْ حقيقة " استمري ، وَ لا تكترثي لقولهم طالما حجبتِ قولهم و أنتِ صغيرة ما يمنع و أنتِ بهذا العمر ! "
قررت دانة على الأقل حالياً على أن تستمر في الجريدة الأم ، لأنها ستفنّد مقالة د . عبد الوهاب الصالح ، و سعدت كثيراً لأنه قد منحها بطاقة تعريفية و أضحى لها متابعين كُثر أولهم سعادة الدكتور الأحادي الفكر و المنطق



 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2010, 01:56 AM   #4
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي


" فكر فيما سيكونْ عليه شُعورك في الغَدِ ، فالأمس قدْ مضى و اليوم يُوشك على الإنتهاء "

بلزاك



" آرتميس ، هيّا انهضي وَ تحلّي بزينتكِ فالقوْس وَ السهم قد اعتكفا بيَن الأيل وَ شجر السَروْ وَ العازفاتِ يعشوشبن بنغم باذخ . فلم يعد زيوس و لا ليتو وَ لا حتى توأمك أبولون دانون فِي الآفاق ، هيّا اصقلي قوسكِ الفضيْ الذي صنعه لكِ هيفيستوس وَ انطلقي بعربتكِ الفضيّة لتقصّي مُجرمي الصيد .. "

قرأت دانة هذه السطور التي كتبتها ذات صدق لصديقتها القريبة " أسيل " وَ هي تشعر بحسنةِ بر الكلمات التي تولد من رحم الصدق . لعقت الخفايا المحيطة بالسطور وَ لا تزال عازمةً على المضي قدماً و تحطيم كل الأطواق المتعبة التي فُرضت عليها لجرمٍ لم تنتسب إليه إلا عُنوةً وَ قرباً . بين أمٍ مُفرطة النرجسيّة صاخبة وَ مُتمرّدة وَ أب مُتسربل بالثقافة وَ التحرر من كل كهنوت عُرفي وُلدت " دانة " و لمست كل المساحات الإيجابية المنعكسة ظلالها الوارفة من أبويها ، و لعل مَا تفيأت به من والدها أكثر . لمْ تعرف والدتها كثيراً إذ أنها اختارت الهجرة وَ تركتها في حضن جدتها وحيدة ، وَ لاذت هاربةً معْ مَنْ اختارت تاركةً خلفها طفلة بعمر الست سنوات وَ زوجاً قد طلقها و جرحه منها لا يزالْ ملتهباً وَ الذكريات تذر ملحها من حينٍ للآخر ليتفتّق الجرح أكثر.
نشأتها كريمة وَ طبيعية و الجانب المفقود قد عُوّض فراغه بحنان الجدّة الأم صاحبة القلب الأبيض و الجود الكريم و والدها أيضاً لتحرره المبكر من كهنوت الجمود لم يحمّل طفلته البريئة خطيئة أمها ، بل أنه أطعمها الكتب و الثقافات التي قد استطعم و جعلها مختلفة مطلّعة و من هنا كانت حكاية تعرّي الغصون من الأشجار الأم ..!

أغمضت دانة عينيها فِي معبدٍ نرجسيٍ عتيق ، وَ هاهو بُخور مِنْ صدى يعبق فِيْ المحراب.
لتستجّد على دخانه ذكريات ليال مؤودة فِي كتفِ قدرها وََ الصور فيِ تتابع ، و هي قد حددّت على المقال الذي عقبّت به على د . عبد الوهاب و أرسلته لِمَنْ شجعّها وَ أخذ بيديها بعد والدها ألا و هو سلطان . الرجل الذي صنع مِنْ دانة أديبة تُلهمها هسهسة النجوم وَ تتقطر بين يديها الغيوم . تُداهمْ الصمت بِقلقها المرتقب خصوصاً وأنها قد زادت من جُرعة القراءة النقدية لأفكار د . عبد الوهاب ، وَ تساقطت لوحات القلق من حائط آفاقها بعدما قرأت الرد الفوري من سلطان و هو يشيد بقدراتها وَ ختم قوله برسالة رقيقة سرقت ظل القلق و أبدلته نشوة و آمل . ابتسمت متفائلة وَ غدت تراقص المونولوجيا التي لا تفارقها لإعتيادها على محادثتها :
مِنْ أين جاء هذا الشوق فِي الدروب ِ ؟
وَ ذلك الوله يمد للقلب مَخالبه ليصرعُني أسئلة لاَ إجابات لها
" دانة " لا ترى غير أوكار ليل يُراقصها الريح وَ تُزمجرْ الأسئلة بها حدةً وَ تمرداً
أرخَت عينيها لتنسَى الضفاف وَ كحلتها بوشمِ الراحلين ، مرّت على القلبِ " والدتها " ، " سُلطان " ، " والدها " وَ أخيراً صديقاتها " أسيل وَ هديل وَ رُبى "
زفيرُ الشِفاةُ المُتَورِّدة وَ المُكتنزة يلعق مَا تداعى لها مِنْ خطرات وقتئذِ
" البُشرى ... البُشرى يَا قَدر .. فصهيلُ حصان عربة " آرتميس " الفضيّة قَدْ جاب المملكة الدانيّة وَ انشطر العِنَاء ، وَ السأم فاهجر "
لا تعلم لِمَ تراءت لها هذه السطور و التي قد كتبتها لأسيل أيضاً في نفس المقطوعة السابقة ..


أقدار تهربنا لأقدار و قد نتشابه يا أسيل وَ لو اختلفت التفاصيل !
كلانا تفاحات محرّمة في نظر رواد الثقافة الإجتماعية التحصيلية ، كلنا تفاحات محرّمة عقولنا قاصرة لا تُحاذي عقول الرجال في وطننا .. و أية عقول هي تلك ..!
حقيقة لا أرى أية إختراعات و لا إنجازات من أولئك الذين يتسابقون في القول أن الأنثى " تفاحة محرّمة " عقلها ناقص و أكملهن لباً كخريشِ الإبل !
تلقنّوا هذه العبارات و المفاهيم و أصبحوا يرددونها كببغاوات ثرثارة لا يعلو صوتها إلّا عندما تتخلل أشجارهم موسيقى هادئة .
دمعةُ دانة تُعاشر أحذية الراحلين ، لتنام على آخر الذاكرين وَ تصحو على خُطى القادمين
تَتعالى رنّات جهازها النقّال ، لتصحو من سُكرة صبحٍ في شتاءٍ آثم وَ تلتقطه بهدوء ..
ابتسامة مخضبّة بالرضا تزيّن وجنتيها ، لِتسحب تنهيدة وسط وجعين

دانة : طاب صباحكِ ، بادئ ذي بدء أطمنّك أنني بخير
سُلطان و قد توجّس خيفةً مِنْ نغمة صوتها التي تبدو لمسامعه و كأنها تلاوةُ سماوية تستحث مشاعره للتبتل وَ لكنْ يُخال له و كأن شيء شوهّها مِنْ أنفاث الجِنِ المُتطفّل ..
بعد برهُة ، اسْتَدرك قائلاً :
صباحكِ مزيجٌ من البيلسان ، يسرنّي أنك بحالٍ أفضل و مَنْ يكتب و يفنّد تسرقه الدقائق
ابتسمتْ بعدما مددت ساقيها المتورمّتين بسبب الوقوف الـذي استهلكته و اسْتهلكها مليّاً أمام الشُرفة الـتي تُطل على حديقة الميدان العَام فيْ تلك المدينة الغاضبة
مشاغبةٌ قالت : كيفْ كان يومك يبدو نشطاً !
سُلطان بعدما أخمد " السيجارة " الـتي لا تؤمن إلا بهذه الأجواء لأن طقوس سُحقها مُتشابهة فهاهو يقتلها بفعل تكويره و إصراره على إخمادها قائلاً :
مملوءٌ بشوقكِ وَ مُدان لصياغتك الأكثر من رائعة .. ما هذا الجدل الأدبي الأنيق
يا الله هل تعلمين أيتها الأديبة الصغيرة كيف أن ساعاتي البيولوجية قدْ رُتبّت كما هي ساعاتكِ المجنونة !
في يدها اليسرى تعبث بخصلات شعرها الأسود الداكن ، و يثقلها عجب طبيعي :
أيعقل هذا يا رجل ! و ما يُلهمك في أنثى لو أن القباني نزار خرج من ضريحه لأستثناها مِنْ قائمة نساءه . خمسون ديواناً و أكثر لنزار لا أنثى مما ساق تًشبهني لا فيْ قدرها و لا في صخبها !
سُلطان بتساؤل ساخر نوعاً ما : وَ هل ذلك النزار متهكن له القدرة على التنبأ بأمرك!
دانة : لا طبعاً فأنا لا يمكن التنبؤ بي لأن الأقدار جعلتني مترعة بخيباتها ، و الآخر الحظ امتهنْ ميداني كـساحة للتصارع معه
خلع نظارته الـتي قننّها مؤخراً لضعفٍ في بصره بسبب إعتكافه كثيراً في عيادته في ذلك المستشفى الجامعي
قائلاً :
دانة الأديبة الرائعة ألا زالتِ تؤمن بالحظ ..؟ ما هذا الهِراء ! الحظ ، العين ، السحر كلها ميتافيزيقيا و ما ورائيات لم ينزلْ الله بها من سُلطان
كبرياءٌ مُدجّج بلفحةٍ مِنْ أنين صرخ مؤذناً في داخلها " لا تُعلقّي هذا الدكتور العنفوان في لُجة مأساتك ، فلا هو يستحقْ الخسارة و لا أنتِ تستحقين "
دانة و هي تقتنص فرصة لتعلّق نرجسيتها بها وَ تسدد الثغرات السلطانية في حياتها :
نعمْ أؤمن بالحظ و أؤمن بالعين و أؤمن بالسحر و بوجودِ الجن أيضاً ، و هذه يا صديقي الدكتور المثقف من المتفقات الإنسانية قبل أن تكون من المتفقات الدينية بين الشعوب
ثم أنَّ الله تعالى قال في كتابه المقدّس القرآن الكريم " وَ لا يلقّاها إلا ذو حظ عظيم "
بهدوء يرفأ بحالها الـذي تبعثر بفعل حماسها العاطفي في الحوار ، و لا يزال يحاول أن يمتص أشعة غضبها و الذي تكبحه في بؤرة قلقةٍ جداً ، أزاح ثمة وريقات أمامه و قال :
دانة الحظ لا يعدو عن كونه قوة نعلّق عليها إجتهاداتنا الخفيّة ليس إلا !
دانة بشُغبٍ تفعّل مبدأ " ابقَ هادئاً كي ترتفع نغمة مَنْ رفعْ نغمتك " بضحكةٍ مخلوقةٍ مِنْ وسط وجع قالت :
" اووووه " نسيتُ أن حضرتّكم أطباء و العلم و الثقافة و حتى الفلسفة الـتي تشربتّموها مغايرة عن العامّة
سُلطان كنس سخريتها تماماً لإدراكه بضرورة تغاضيه و تضامنه معها في هذه الفترة الحرجة من حياتها
سلطان : عطشى أنتِ إلى طبيب يضمّد إلتهاباتك ، إذا لم تطببكِ دواوين القباني نزار و لم تداويك روايات مستغانمي وَ لم تطعّمك الأمصال اللوركية بشيء فماذا أنا بفاعلٍ إذاً ؟
هلاّ أفصحتِ عما في جوفك بعد الذي حدث !
فأنتِ صامتة وَ الصمت داء من يكتمه يُعيّه شفاءه أو لم تسمعي قول جالينوس " من كتم داءه أعياه شفاءه " ، أقد نسيت تلك الوعود مني ؟
دانة مستعينة بقول جبران خليل جبران : " ليس من السخاء أنْ تعطيني ما أنا في حاجةٍ إليه أكثر منك ، بل السخاء بأن تُعطيني ما تحتاج إليه أكثر مني .. أنت رحومٌ إذا عطيت ، وَ لكن لا تنسَ و أنت تُعطي أن تُدير وجهك عمنْ تُعطيه لكي لاَ ترى حيائه عارياً أمام عينيك "
سلطان : كل الحواجز قد حطمنّاها سوية ، أو لا تذكرين ..؟
دانة مبتسمة : أيضاً تقول مستغانمي أن بعض الأسئلة تورط العشق يا سلطان
سلطان حانق بعض الشيء : حسناً و لِمَ أنت مرتدية لهوية منفصلة عن هويتّك ..؟
سئمت يا عزيزتي من صمتك !
فو الذي نفسي بيده الصمت لن يجديك شيئاً غير الآهة ، أعلم تماماً غُمة ظروفك وَ لكنني أعجب من صمتك الـذي أطبق شفتيه مؤخراً .. !
حتى مقالاتك بدأت و كأنها توجه شرارت عصبية
دانة مشتطة غضباً : و ما يجدر بأنثى مُكَمْمّة كـ " دانة " أن تفعلْ !
أمها تركتها و هي بعمر الست سنوات و هجرت والدها البسيط الخلوق لتتزوج بالسائق العربي و تُهاجر معه لديار الكنانة ، و لم تكتفِ بذلك بل أنها مزقّت جنسيتها " السعودية " لتتجنس بجنسية تلك الدولة التي لا تفوقنا إلاّ فقراً و رجعيّة ...ماذا أفعل هلاّ خبرتني !
و بعد إحدى و عشرون عاماً و نيفاً تأتي الديار مُصابة و مُعاقة عنْ الحركة بعد أن قام خالي العزيز والـذي هاجر أيضاً إلى " مصر " بتوكيل مَن يقضي عليها لأنها جلبت لهم العَار ..!
سلطان مقاطعاً : كفى بالمرء نبلاً أن يلتزم المنطقية أيتها الأديبة الصغيرة ، ثم أن والدتك حُرة في تحديد مسار حياتها أياً كان ، و قراراتها اتخذتها و هي بخضم نضوجها و رُشدها .. فماذا أنتِ فاعلة إذاٍ .. سأخبركِ ! يتوجب عليك التجاوز و الصفح و إستقبالها بكلِ الحنين و الشوق ، ثم أنه بلغني أنها تحمل سرباً من الأطفال .
دانة ضاحكة : ثلاثة صبيات في أعمارٍ مُتقاربة ، الأولى ابنة لذلك الرجل الذي هجرت والدي بسببه و يُقال أنها اشترت تربيتها من والدها الـذي سلب أموالها و تركها فقيرة تعاشر الحزن و الضجر بين تلك الأزقّة ، أما الثانية و الثالثة فهما من والد آخر بعد أن تزوجته مؤخراً و لاذت للمحاكم لسؤال الطلاق أيضاً
سلطان مقاطعاً : شقيّة والدتك عزيزتي و قد قيل " ذكروه ربما كان شقيّاً "
دانة : لن أفعل و لن أراها مطلقاً ، سأشدد علاقتي بوالدي و كفى ، فهو الذي رباني و علمنّي و وصلني لهذه الميادين ..أمّا " منى " فلن أسامحها مطلقاً ، و هي حُرة تفعل ما تشاء و لكن لتنسى أن لها ابنة في السعودية
سلطان : بإسمِ الرحمن الرحيم اكنسي تلك الرفات و تجاوزي ، فالعمر يمضي و نحن مجرد عابرون
دانة بلهجةٍ حازمةً قاطعةً : سلطان كثيراً كنت قد حدثتني بهذا الجانب و تدرك تماماً ردة فعلي ، فلا تجعلنا نستهلك الأمور و نحن قد انتصفناها
سلطان : و إن قرنت علاقتي بك بإتصالك بوالدتك و تجاوزك عنها ، ماذا أنتِ فاعلة ؟
دانة بتساؤل : و هل لديك تلك القوة ..؟
سلطان بأريحية : القوة و المصدر أيضاً ، ماذا قلتِ ...؟
دانة : حسناً اسمع مني ، لا تكثر من وطء القفار , ولا تزرعها تسامحاً , تلك تبتلع ماءك دون حصاد , و الكَلم المقتطف لا يزخرفْ بياضها الذي إزداد إلاّ سواداً . فقطْ اشجب كل الأمنيات و حلّق خارج هذا السرب وَ اسمح لي الآن مغادرةُ أنا لحضن والدي و فقط ..
أغلقت الإتصال و كأن بقايا الحقائق الراجفة تكوي ضلع فؤادها الصغير ، وَ مِنْ خَيبتها العَارمة التي حجبت كُل آفاق الإدراك مِنْ حولها وَ أردتها صامتة جوفاء ، نلمح تحت خاصرة عقلها الأيسر شَامة زرقاء تتنبأ بحالةٍ مِنْ الإرتجاف الـتي لمْ يتزمّل بها نبيٌ بعد ..!
يُراقصها حديثها معْ العقل الباطني فِيْ حَانة الخيبة :
جلس الحَظُ فِي رابية الأيام الخوالي، وَ رحل خلف الظلال الرمادية دون أن يعطيني قيثارة الأغاني الرعوية و سافر راجعاً للعالمِ الطفولة ( أوآه يا دانة أيَُ قَدر هو ينتظرك معْ قدوم والدتك ) .
وَ جاء موسمُ العطش فيْ الأمطار الموسمية وَ استضاءت المسافات بلون كالبياض البهيّج ثم رمّدته غيوْم الأقدار الممطرة أفاعي سماوية ، وَ مفاجآت مِنْ الوزن الثقيل و التي لمْ تقدرعلى حملها قبة السماء العتيقة فانثالت على الأراضي القفار تتراً ..
فيْ عيدٍ ماضٍ في إيلول أرسل لي سُلطان بطاقة ورقيّة مكتوب تحت طابعها المذهّب
" مباركةٌ أنتِ أيتها الصغيرة وَ ستمطرك السماء عطاءاً بدون أعاصير , وَ لا برق و رعد وَ التقطي الكرز و التفاح وَ لا تُصغي لمن يتفوه بأنه غير مباح " .
تذكرت دانة أنها قبلتِ البطاقة وَقرأتها حين وضوح . ابتسمت لتطفي حرائق المفاجآت وَ كتبتِ بخط مُرتجف يذعر من فقده

" لا تعود أبحث لك عن وجه فتاة لم يخذل بعد ,
وَ ارسم غيوم الربيع على جبينها , لتنبت جنائن و فراديس ،
لن أنتظرك ما دُمت ربطت صلتك بي بصلتي بتلك الجاحدة الـتي تركتني بحضن والدي صغيرة وَ ترسمت في ظل كليوباترا بناظري
لا تنتظر وَ لن أنتظر أيُّها الدكتور المثقف وَ السُلطان
غَداً لَنْ يسرقنا حثيث الصبح كما أعتدنا..
لنْ نخلع كتف الأرض جنحاً ..
لَـن أُهديك قُبلة الصباحْ شغفاً
ولـَنْ ألتقيك بعد إنتهاء العصر...
لَن تبقى رائحة تبغك و عطرك على ثيابي ..!
لـَن اشكو برودة قهوتي و لن أسوق حماسي لك بعد مقالاتي و مشاكساتهم لي ..

لن أعبث معك مجدداً
لا تعود أبحث لك عن وجهِ فتاة لم يُخذل بعد
لك حُبي و إمتناني اللا نهائي "



و ضغطت إرسال و كشفت الذبذبات ساقي الرسالة عبر الأثير لتصل لبريد سلطان ، يبدو أنه موعود بصباحٍ صاخب و متمّرد .
بينما ذلك السُلطان قد تقوقع فيْ سريره كطفلٍ مُنهك ، وَ بينه و بين الأحلام كهنة وَ عرافون و فناجين قهوة لم تهيّل بعد وَ وجه حبيبته " دانه"
أغمضت دانة عينيها وَ لاذت للسرير الملجأ الذي تكره اللجوء له لأنه كما وضحت أحلام مستغانمي مِنْ أهم المعطيات الإيجابية لميلاد " الحنين " لمن لا يستحقه فلا أمها النرجسية تستحق ،
وَ حتى ذلك السلطان ستُلحقه لعنة ضجرها ، ليس لشيءٍ إلا لأنه بدأ يُمارس ديكتاتورية مغلفّة بالديموقراطية المزيّفة الـتي لا تتوظف مهما تذرّع بها الرجل العربي .
سحبت الغطاء وَ دست رأسها بين ملمس القُطن وَ فرو الصوف للهروب من هذا الليل الآثم
و هي تعزّي نفسها بفقدِ سلطان ..



فناجينُ قهوة ألذّها الأكثر مرارة !


بعد يوم جامعي حانق و مزدحم عادت دانة مستاءة من زحمة الرياض وَ وضعت كُتبها على تلك المكتبة المتأنقة بمؤلفات " لوركا الأسباني " وَ " أميل دوركايم " و الآخر " ديستوفسكي "
, فوقها نزعت " الفلور " من رأسها وَ رمته بإهمال على طرف المكتب .
أمسكت بالقرآن الكريم وَ بسطت كف طاهرة عليه و أقسمت يمين مغلظة و قالت في سرها بعدما قررت لقاء والدتها اليوم : سأجتاز الرُبى وَ سأتسلق الريح ، لأدحر الرؤى
أخرجها مِنْ عُتمة أحاديثها الباطنية تصاعد رنين هاتفها النقّال .. ابتسمت بلؤم :
" سلطان و ماذا أيضاً ..؟ "
قطعت تساؤلاتها : أهلاً وَ سهلاً
سُلطان وَ هو منسجم معْ النغمات الـقيصرية التي تشرئب بها أحاسيسه : هلا بكِ ، طالما الترحيب جاء متأنقاً هكذا من المؤكد أن هنالك ثمة أمر ( ابتسم متعجبا و استدركً ) ، و قبل أن أنسى شكراً لأنك أرسلتِ نصاً أثيرياً وَ لكنه أثار ضحكي لا أخفيك
دانة في تَمام ضجرها : ما شاء الله ، اذكر أنك ربطت علاقتك بي بعلاقتي بـ " منى "
سلطان أخرس تلك النغمات : منى أمك من غير المستساغ أن تقولي منى عارياً هكذا
دانة في لؤمٍ مستمر : وفقاً لمزاجي أقول ما أريد ، يا بشر دعوا الخلق للخالق
دعنا مني و حدثني عَن العمل وَ دوامك ؟



يتبع بإذن الله تعالى ||

 


التعديل الأخير تم بواسطة سميراميس ; 02-07-2010 الساعة 02:01 AM.

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-07-2010, 02:49 PM   #5
عائشه المعمري

كاتبة

مؤسس

افتراضي


مُثقلة بالفكر يا شاميرام ..
في انتظار الـ ( يتبع )


..

 

عائشه المعمري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-08-2010, 03:44 PM   #6
سميراميس
( Shouq )

افتراضي


حد السماء مُترعة أنا بالفكر و ملحقاته نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
شكراً لك سيدتي الفاضلة

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-08-2010, 03:54 PM   #7
سميراميس
( Shouq )

افتراضي



فناجينُ قهوة ألذّها الأكثر مرارة !

بعد يوم جامعي حانق و مزدحم عادت دانة مستاءة من زحمة الرياض
وَ وضعت كُتبها على تلك المكتبة المتأنقة بمؤلفات " لوركا الأسباني " وَ " أميل دوركايم " و الآخر " ديستوفسكي " , فوقها نزعت " الفلور " من رأسها وَ رمته بإهمال على طرف المكتب .
أمسكت بالقرآن الكريم وَ بسطت كف طاهرة عليه و أقسمت يمين مغلظة و قالت في سرها بعدما قررت لقاء والدتها اليوم :
سأجتاز الرُبى وَ سأتسلق الريح ، لأدحر الرؤى
أخرجها مِنْ عُتمة أحاديثها الباطنية تصاعد رنين هاتفها النقّال ..
ابتسمت بلؤم :
" سلطان و ماذا أيضاً ..؟ "
قطعت تساؤلاتها : أهلاً وَ سهلاً
سُلطان وَ هو منسجم معْ النغمات الـقيصرية التي تشرئب بها أحاسيسه : هلا بكِ ، طالما الترحيب جاء متأنقاً هكذا من المؤكد أن هنالك ثمة أمر ( ابتسم متعجبا و استدركً ) ، و قبل أن أنسى شكراً لأنك أرسلتِ نصاً أثيرياً وَ لكنه أثار ضحكي لا أخفيك
دانة في تَمام ضجرها : ما شاء الله ، اذكر أنك ربطت علاقتك بي بعلاقتي بـ " منى "
سلطان أخرس تلك النغمات : منى أمك من غير المستساغ أن تقولي منى عارياً هكذا
دانة في لؤمٍ مستمر : وفقاً لمزاجي أقول ما أريد ، يا بشر دعوا الخلق للخالق
دعنا مني و حدثني عَن العمل وَ دوامك ؟
سلطان متعجب بإبتسامة : الحمدلله لا جديد يطفو ، ماذا عنك آخر نتاجك الأدبي مقالك اليوم وجدته مكتظ بالرمزيات و قد أفحمتِ د . عبد الوهاب لدرجة أن جاء تلاميذه يذودون عنه ؟
دانة مبتسمة منتشية : أرايت كيف أنْ ثلة من الرجال المستشيخون يهرعون من أجل دحر حرف فتاة الطريف بالأمر يا سلطان أنهم يظنون أنني سيدة في منتصف الأربعينات ( ضاحكة بسخرية)
سلطان ضاحكاً : آه ليتهم يعون أنك طفلة مشاغبة جداً ، أتساءل لو يعلمون أنك طفلة للتو قد عتبت العشرين يا ترى ماذا هم فاعلون ؟ " بالقليل راح يتحسفون على وقتهم ههه"
دانة مبتسمة : العمر ليس مقياساً أيضاً لذا قلت لك لا يزال الوقت باكراً على التصريح كفانا بالرمز طريقاً
سلطان : أتساءل عن صلة قرابتك بشوبنهاور " شكله راضع معكم " ؟
دانة ابتسمت من محط جراحها و تكأت على الكرسي : شوبنهور لديه زمنه الذي كان مملوء بالمعاناة و المصاعب لذا فلسفته غالباً ما نقول عنها تشاؤمية
سلطان : يا حبيبتي شوبنهاور فيلسوف ألماني عظيم لم نقل به شيء ، لكن لا يعقل أن عظمته تلك تشجب تعقده و رؤيته المعتمة للحياة من حوله
دانة : مسكين تلك هي سوءة إلحاده ، من بعد عن الرب ظلمت حياته ككل
سلطان ابتسم برقة : دانتي اتركينا من بحور الفلسفة و قولي لي متى أراك ؟ من الضروري أن أراك ، أو لم تشتاقي ؟
دانة : صعب أن أراك يا صديقي ، هل نسيت " الموعد " الأعظم لي هذه الليلة مع منى !
سلطان ضاحكاً : أرى بأنك يا متحضّرة و يا أديبة تكثرين صديقي و صديقي أيعقل إلى هذه اللحظة لمْ تفرقي بين صديق أو حبيب !
ثلاث سنوات و أربعة أشهر و خمسة أيام و بيننا مشاعر و ذكريات و تغلطين بتقديرها بصديق !
ثم أنني وضحت لك أكثر من مرةٍ أن موعدك مع أمك أبقى و ألزم
دانة : روحي تشرئب مائة دهشة أو تزيد بسبب عطاءك لها أكبر من حجمها ، هي لا تعدو عن كونها مجرد ....
قاطعها سلطان بحدة : كفى هراءاً وَ هروباً ، كفى تناقضاً نفسياً
دانة تضحك : حسناً قلتها نفسانية ماذا تريد منها ! ، لا زلت أتساءل عن إهتمامك بها
قلنا لك أنها نفسانية وَ ستتزوج مِنْ ابن عمها " صالح " إذاً لِمَ أنت مُهتمٌ بأمرها ؟
قاطعها سلطان : أرى أنه من الأفضل أنْ أتركك الآن تحسباً لصد أي خلاف قد
يقع بيننا الآن
دانة : لن يشفع الهدوء حالاً بي ، فالوضع مستمر يا سلطان
سلطان : لولا إنني دكتور و مؤمن بقناعة إن العلاج النفسي أول الخطوات للتمهيد ثقي أنني ما كنت صابراً على نفسيتك المتأوهة ضجراً حيناً وَ صخباً آخر
دانة : عرفنا إنك طبيب شاطر و الكل يشيد بك ، ناهيك عن جهودك الثقافية و الإجتماعية
قاطعها سلطان : ما من أحدٍ و يجهل هذا الشيء ، كما أنه ما من أحد طلب منك أن تمنحيه هذه اللمحة عني أيتها الصاخبة
دانة بعصبية : حسناً وَ ماذا بعد ، لا أعلم لِمَ تجيد العجن و اللت في شيءٍ قد فرغ ؟
سلطان : لتٌ و عجن وَ صبر يتعكّز صبراً ، وماذا تنتظري من شخصٍ يرى أنثاه ترمي نفسها في بئرٍ سحيق لا هوادة لدبابير التلقين من لسعها ،
و ما يدريك ربما اللسعة تترك سمُها في دمك و تبعاً لذلك تتناقض أقوالك يا ترى كيف سيكون وجه محبرتك حينها !
دانة : يبدو أننا نمارس لعبة أسئلة إجابتها أسئلة ، هل لك أن تخبرني كيف لتفاحةٍ محرمّة أن تهيئ لقاءها الأول في حضرة الجانية إلا خطيئة
وَ تلتقي بمن تركتها بحضن الوحدة و الغياب و راحت تلهث وراء شهواتها و ملذاتها و بعد سنين رجعت مرغمةً لحاجةٍ في نفس يعقوب و يالله يالله اقتنعت أنها ترجع للديار ..
سلطان : أبداً لمْ يدر في خلدي أنك في يومٍ حاقدة و نيتك سيئة و لمن لوالدتك !
حد الوجع منغمس أنا من هذا القول يا مَن جعلتِ قلمك شراعاً لبث الرُقي
دانة بعصبية : يا شيخ لا تتوجع وَ لا تتشرب نرجسيتي ، خالي " عبدالله " و هو يحدث جدتي بالخفاء سمعته و الخيبة تكسي وجهه يخبر " جدتي المريضة "
أن من تقولون أنها والدتي بالإقناع التاسع و تسعون إلا مقام وافقت ترجع !
أضف لكينونة أنها ممنوعة من دخول الوطن لأن خالي " فهد " مانعها و محظر دخولها للوطن ، و يبدوْ أنَّ خالي " عبدالله " قد عمل نون و ما يعلمون ليدخلها بالتهريب من لبنان على سوريا على السعودية المسألة ليست سهلة أبداً
سلطان بهدوء : حبيبتي اهدئي فالأمر لا يستحق ...
دانة دمعتها تتلألأ وَ تكابر أن تسقط : كيف لي أن اهدأ و كيف لي أنْ أجنح بالقبول !
و هي عادت مرغمة لحاجات معلقّة الأكيد أنني لست من ضمنها ، ألا يجدر بمن تمر بهذه الوقائع أن تتصلب وَ تنطوي قاسية مع جدائل الياسمين الآثمة .!
سلطان : اهدئي دانتي لا ما يستحق و خالقي ، أنا لست غاض الطرف عن خطيئة أمك الأزلية و لكن ها هي قد أدركت الخطأ و عادت مكبلة بالشوق و الحنين للوطن و أنتِ
يفضل لو تساعدينها و هي بحاجتك الآن ..!
مثلك واعية تماماً بما مرّت به هناك عندما كانت في لبنان ذاقت أشد الأمريّن ، فقر و طلاق و من زواج لآخر فاشل و حالتها جداً سيئة
دانة انفرطت : شجرة المبررات المقدّسة لا تنبت لها غصناً أخضراً لتهديني اياه في هذا اللقاء ، ثم أنه ما من أحدٍ أجبرها على أن تترك حياة الثراء و تغادرها هاربةً مع ذلك
" الزلمة" و تضرب إهتمامات المجتمع و أقوالهم بعرضِ الحائط ..
للأسف أنا الضحيّة وحدي فقط وَ لن أتردد بإنفصالي عَنْ جذعها .. ( ضاحكة بسخرية ) و لكن من يدرك ذلك !
أنا تجردّت من جذعها بينما المجتمع لا يزالْ يراني مجرد ثمرة ( تفاحة ) مِنْ شجرة آثمة و لن ينفك من إختزالي بها ..
سلطان : دانتي اهدئي قليلاً ، الدين علمنّنا مبدأ " كل نفس بما كسبت رهينة " لا يمكن لأي أحد أن يحملّك وزر أمك إلا جاهل
دانة : الجهلاء كُثر من حولي و أولهم المثقفون زملائي في الصحيفة ثم لا تنسى أيضاً المبدأ الديني اللي يقول " العرق دساس " و للأسف الجميع يتشبث به و يسيء فهمه
سلطان : لا يا حبيبتي لا تحرقك شمس الإقتفاء الأعشى أرى بأنْ حساسيتك سببت لك خلط رهيب ..
دانة بعصبية : لا حساسية وَ لا خلط و لا مزيج ، أنت بنفسك أتحدى أن تقول لأهلك
أنني ارغب الزواج مِنْ دانة بنت عبد الرحمن و التي أمها تكون " منى بنت عبد العزيز الفلاني"
سلطان ضرب محرك السيّارة بعصبية : سحقاً لهذه المسألة التي ما أن تنفك إلا و أن تعود بخيلاء مؤدلج بثقافة عرجاء ، ماذا قلت لك أنا في بداية علاقتنا وَ معرفتي بك
أهلي لا يكترثون لهذه الهرطقات وَ كما تعلمين نحن قد تجاوزنا حقبة أبي لهب و أبي جهل منذ سنين
دانة بهدوء: العصبية مخرج مستباح في كل ذي إشتعال
سلطان يخفي سأمه : كون أنك لا تثقي في شريكك الآخر هذه مصيبة على فكرة ، شيء لا يمكن أن يغتفر في أي علاقة بين اثنين
دانة عمت في صمت رهيب ..
سلطان : دانتي تحضّري جيداً من أجل أن تبتهجي برؤية والدتك ، لو رغبتِ في أن تتسهل علاقتنا و تستمر وّ نرتبط لابد أن تتصالحي مع أمك
دانة بإستدراك يتيم : لست مؤهل يا عزيزي أن تطلب هذا الشيء ، لدي ثمة إرتبطات هذا المساء و قد لا تكون " منى " إحداها
سلطان بإمتعاض وسط ضجيج السيارات : إن أي حوار بالجوال بنظري عقيم لذا نؤجل حتى الحديث حتى نرى بعضنا
دانة تتنهد : لتنسى مسألة أنني سأراك بعد الآن و سالفة " المواعيد " أشعر أنها خطوات نفعلها و الخوف يحكّمنا أكثر من أي لذة آخرى
سلطان في تعجب و إزدراء : " المديتون " و " المديّتات "مساكين كل ينظر لهم أنهم مراهقين منحليّن .. أوآه يا بلدي حرمّتِ حق العشاق من اللجوء لبعضهم البعض
دانة : هذا شيء منكر شرعاً قبل أن يكون قانوناً في بلدنا
قوّس سلطان حاجبه الأيمن : شرعاً تقولين إذاً!
دانة تمسك رأسها : أنا مغلقة حد التفكير الآن أسألك أن تدعني اصمت رحمة بك و بحالي و بالبشرية أجمعين
سلطان بحدة : الصمت مستباح رحمة مني بك أيضاً
دانة تبتسم : لا تتأمل كثيراً
سلطان : في أمان الله
دانة : الله معك
سلطان وَ هو يغلق جهازه النقال : شرعاً تقول لي " الموعد منكر "
( ضحك بسخرية)، ما الأمر اخالني وَ قد طلبتها الإختلاء بها في صحراء قاحلة لا مكاناً عاماً يمتلئ بالعديد من الناس ذو الفضول



يتبع ~~

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-14-2010, 04:35 PM   #8
بدور الشمراني
( كاتبة )

الصورة الرمزية بدور الشمراني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

بدور الشمراني غير متواجد حاليا

افتراضي


رائع يا شاميرام
لغتك قوية ومفرداتك جزيلة البلاغة
قرأتك كثيراً وشعرت بأني أنسجم مع تفاصيل سردك
التفاحة المحرمة ثروة تستحق أن تقتنيها المكتبات
أكمليها سأتابعك بشغف
وسأنتظر لأعرف أحداث ذلك الموعد المؤجل ..

 

التوقيع

قـلبي صحراء من يدخـلها قد يموت
وقـد يخرج مـنهـا كما دخـل
ولكن قليل هم من إستوطنوا الصحراء !!

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مــدونتي هنا

بدور الشمراني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:57 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.