قصة الفلسفة اليونانية - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 324 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8212 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - مشاركات : 13 - )           »          الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - مشاركات : 0 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 3847 - )           »          صالون النثر الأدبي 3 (الربيع ) (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 66 - )           »          مَا لَمْ أقله لكـ (الكاتـب : محمد سلمان البلوي - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 1977 - )           »          بَازَلْت (الكاتـب : عَلاَمَ - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 12 - )           »          ورّاق الشعر [ تفعيلة ] (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 12 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات العامة > أبعاد أبعَادية > أبعاد المكشف

أبعاد المكشف يَفْتَحُ نَافِذَةَ التّارِيْخِ عَلَى شَخْصِيّاتٍ كَانَتْ فَكَانَ التّارِيْخُ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-2010, 01:06 AM   #1
سميراميس
( Shouq )

Smile قصة الفلسفة اليونانية


* قصة الفلسفة اليونانية ..


لم تستمّد الفلسفة اليونانية أصوليتها مِنْ الأمم القديمة كغيرها ، لكنها خلقت الفلسفة خلقاً و أنشأتها إنشاء ، فهي وليدتهم ( اليونان ) و ربيبتهم، و لو تمعنّا بخطوات صقلهم للفلسفة لوجدناهم قد خطوا خطوات متناسقة خطوة بخطوة ـ لا في أرض اليونان فحسب ، بل بكل مستعمراتهم اليونانية التي كانت بأسيا الصغرى أو صقلية و جنوبي إيطالي و جزء من الشمال الأفريقي ـ فالقارئ منا لفلسفتهم لن يجد أن هنالك حلقة مفقودة أو غامضة .. و أنا هنا سأتعهّد لكم بالكتابة عن ثلاثة مدارس أثرت الفكر اليوناني قبل أن يصافحه فحول الفكر الثلاث : سقراط و تلميذه أفلاطون و أرسطو ..


1- فلاسفة يونيا ـ إقليم يوناني في آسيا الصغرى ـ و من يونيا انطلقت الفلسفة و في كنفها درجت و ترعرت ، و من هذا الإقليم اضاءت نار الفكر الفلسفي و ظلت خافتة محصورة في أول الأمر حتى شاء لها القدر أن يمتد نورها و تتوقد ألسنة نيرانها لتلهب العقل و تستفزه .. من هذا الإقليم بدأ الإنسان يحطم أغلال الضرورة التي كبلتّه دهراً و خصص شطراً من حياته للتفكير المجرّد من كل قيود .. فنظر للطبيعة من حوله و وجدها تزخر بالعديد من المتغيرات و اللا متشابهات ـ فكل شيء مهما عظم شأنه و ارتفعت مكانته ـ إلاّ أنه عرضة يوما لأن يكن كأن لم يوجد يوماً ..
أول ما استرعى من الإنسان اليوناني النظر و استدعى تأملاته هذا التغير الدائب بكل المحطيات به .. فهذا الشيء المحيط به هو عرضة للتغير و التبدل و أن يقصر و يطول ..أو ينطوي متلاشياً .. فأنّى جاء و إلى أين ذهب ؟
أنه لم يخلق من العدم و لم ينحدر إلى العدم ! بل تكوّن من مادة موجودة فعلاً في أشكال المادة التي لا تزال موجودة أيضاً ..؟ فكل هذه الأشياء لمختلفة و المتغيّرة و كلنا نحن البشر السود و البيض نرجع لمادة واحدة فماهي ..؟
هكذا صرخ الفكر اليوناني إبان تلك المرحلة ... جاءت إجابات المدرسة اليونية على أعلامها الثلاث المشاهير :
طاليس ، انكسمندر ، انكسمينس .. الأولى عزا المسألة للماء فقال أن الماء هو الأصل لهذا الوجود و قال بأن الأرض قرص صلب وسط مياه ! ، بينما انكر عليه تلميذه اكسمندر قائلاً أن الأصل شيء لا أصل و لا خصائص و حدود له
ليأتِ الثالث و ينادي بأن الهواء هو الأصل لهذا الوجود .. في الحقيقة لن نعيب عليهم هذه الإجابات الساذجة خصوصاً الفيلسوف الأول الذي عرفه العالم طاليس إذ يكفي أنه مرّن العقول لسلفه و أثار لديهم هذا السؤال ،،
فلن نطالبه بخطأ تعليله للكون فهو على الأقل أول من فسّر العالم فلسفياً بعيداً عن سطوة الأساطير و تعددية الآلهة التي كانت مستأصلة لدى عقول أسلافه ..
سأسهب في شرح وجهة نظر كل من فلاسفة اليونية الثلاث على حدة قبل أن أدخل في إعتقادات المدارس الأخرى من الفيثاغورية ، أو المدرسة الإيلية أو مدرسة جوهر الفرد أو المذهب الذري ..



- عن ماهية السؤال الذي طرحه الفكر اليوناني إبان تلك المرحلة و إلقاؤه على عاتق طاليس الفيلسوف اليوناني الأول ، فنجده قد وثّق لنا فكرة أنه أول من فكّر في المادة التي يتألف منها الوجود !
حسناً ، هذا سبق يحسب له خصوصاً في ظل تصوّر طبيعي منطقي يستبيحه العقل الذي لا يبصر التفكير العقلاني آنذاك بل أنه يعجز عنه تماماً .. فقد اعتقد طاليس " أب الفلسفة اليونانية الأول " أن هذه المادة التي تكوّن الوجود لابد أن تكون شديدة المرونة في قابليتها للتشكّل في صور و خصائص مختلفة لتتسع كل ما في هذا الوجود ... و انتهى بالأخير إلى أنَّ " الماء " هو قوام الموجودات بأسرها فلا فرق بين هذا الإنسن و تلك الشجرة و ذلك الحجر إلاّ بالإختلاف في كمية الماء في تركيب كل منهم ..
أليس الماء يتشكل في صور متنوعة فيصعد للفضاء على ماهية بخار ثم يعود فيسقط " سائل " مطر و يحدث أن يصيبه برد فيتجمد و يتحول لـ " صلب " ثلج ..و إذن فالماء هو الأصل لأنه حينا غاز و حينا سائلاً و حينا آخر جامداً صلباً .. و الموجدات في العالم لا تخرج عن هذه الحالات الثلاث للمادة ..
يرجح ارسطو " الذي تبع هؤلاء جميعاً زمنياً لا منهجياً " أن تعلّق طاليس بفكرة الماء يعود لإدراكه أن الماء قوام الحياة و بإنعدامه تنعدم الحياة ـ هنا إثبات لمبدأ ديني لدينا وثق في الكتاب المقدس في قوله تعالى " و جعلنا من الماء كل شيء حي " ..
طاليس كان فلكياً جغرافياً و ياضياً إن لم اخطئ و لم يثري الفلسفة التي لم توجد من قبله إلا بشذرتين :
- الكون يتكون من الماء
- الأرض عبارة عن قرص جامد يسبح فوق ماء ..
و رغم إنكارنا لهذه الفلسفة المائية الساذجة ، أكرر دوماً أن طاليس صاحب السبق الأول في محاولة تفسير الكون و الوجود به بعيدا عن خرافات الأساطير و الأديان الوضعية و تعددية الآلهة .. و هو الذي شجّع انكسمندر على البحث بعد أن انتهى هو لأن الماء الأصل ....



-انكسمندر هو تلميذ طاليس و خالفه فيما ذهب إليه و قال بأن الماء ذو صفات واحدة ويستحيل على الوجود أن يجمع خصائص واحدة و هو في تباين و إختلاف و ذكر بأن ثمة تناقض في الوجود للصفات التي يحملها الماء لذا لا يمكنك أن تدرك الصفة إلا إذا أدركت نقيضها ، و نادي بأن الأصل في هذا الكون يعود لمادة من اصل واحد و لا حدود لها و لا خصائص تلمّها و كل ذلك لتبرير الإختلاف و البتاين في الموجودات .. و نحن هنا ننكر عليه ذلك لأنه لا يمكن أن تنشأ كل هذه الموجودات من مادة لا شكل لها بينما أصلها واحد ! و لو وافقناه بذلك فما السبب في الإختلاف بين النحاس و الحديد و الخشب و .. و.. طالما هو يقول أنها من أصل واحد و لا شكل له ... ؟ و انكسمندر لم يوضح معنى واضحاً لتصوير العالم أو العوالم المتعددة كما ذكر ، بل أنه يعطينا معنى غامضاً و له شرح في بعض الرسائل الفلسفية التي سارت به لنهج يقربه من نظرية دارون في النشوء و الإرتقاء .. إذ أنه يقول أن الكون عبارة عن سائل أخذ يتجمد شيئاً فشيئاً و في خلال ذلك كانت تنصب على الأرض حرارة لافحة تصاعد من بخارها بخار و شكل طبقات الهواء و هذه الحرارة عندما ألتقت في البرودة كونّت الكائنات الحيّة التي كانت في أول أمرّها منحطّه ثم بعد ذلك تطورت شيئاً فشيئاً ..


- انكسمينس و إرجاؤه الأصل للهواء و أرجع الإختلافات للتكاثف و التخلخل و أوعز للهواء دورا كبيراً من حيث أنه يتغلغل كل المحطيات و ما الأرض إلا كرة عالقة في متسع هواء < --- عله ألمح لحقيقة فطن لها كوبرنيكوس بعد ذلك ..
هذا الأخير لا أعلم لِمَ لم استسغ ما جاء به ، وجدته خاوياً مفعلّا و خالطاً ما بين شمولية ماء طاليس و حدودية انكسمندر ..


ممكن يتبع نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




* اسم الكتاب الذي كان مرجعاً لـي و زودنّي بشيء مِن الجزميات ..



:1_49987:

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 02:27 AM   #2
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي


رائع، متابع. شكرا جزيلا على هذه القصة.

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 02:30 AM   #3
أحمد الملاح
Banned

الصورة الرمزية أحمد الملاح

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

أحمد الملاح غير متواجد حاليا

افتراضي


سانتظر اكمالك لباقي قصة الفلسفه اليونانية كما رايتها انت لا كما راها ول ديورانت
حقيقة ارى ما تكتبين يعطي لهذه الفلسفه بعدا اقرب للعقلانيه مما كنت اتصور قبلا
ويذكرني ما كتبت بقرائات لي لسامي الموصلي كتبها في الثمانينات والتسعينات من
القرن الماضي وجعل الفلسفة فيها ملكا للجميع رغما عن انوف كل الفلاسفة المتعالين
على فكر الجمهور لكنني انتبهت لجمله لم افهم مقصدك منها

اقتباس:
عله ألمح لحقيقة فطن لها كوبرنيكوس بعد ذلك ..
هذا الأخير لا أعلم لِمَ لم استسغ ما جاء به ، وجدته خاوياً مفعلّا و خالطاً ما بين شمولية ماء طاليس و حدودية انكسمندر ..
العلوم التجريبية عموما هي سلسله متوارثه ادت الى تطور النوع البشري كظاهرة متفردة في الطبيعة
وقد قال البرت اينشتاين يوما ان ما لدينا من حقائق علينا ان نستعد يوما للتخلي عنها وهكذا اجيال
وراء اجيال فما اخطا فيه انكسميس صححه كوبرنيكوس قليلا ثم صحح لكوبرنيكوس نيلزبور وما اخطا
فيه بور صححه اينشتاين الذي صحح له ماكس بلانك وهكذا لن نصل الى حقيقة ارسطو المطلقه
المعلقه في الفراغ ولا الى نسبية اينشتاين وستبقى الاراء كلها قابله للنقد والتصحيح
اشكرك يا سميراميس على مجهودك الرائع وساواصل قرائتي وتمعني في ما تكتبين

 

أحمد الملاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 03:02 AM   #4
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله العُتَيِّق مشاهدة المشاركة
رائع، متابع. شكرا جزيلا على هذه القصة.

أهلاً بك سيد . العتيّق حضورك منذ البداية هو بمثابة التتمة لهذا الكتاب و واثقة أن إستقراؤك لهذه القصة الفلسفية اليونانية سيكون أكثر عمقاً
من قراءتي لها نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة شكراً لك أخي الكبير عبد الله

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 03:09 AM   #5
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد الملاح مشاهدة المشاركة
سانتظر اكمالك لباقي قصة الفلسفه اليونانية كما رايتها انت لا كما راها ول ديورانت
حقيقة ارى ما تكتبين يعطي لهذه الفلسفه بعدا اقرب للعقلانيه مما كنت اتصور قبلا
ويذكرني ما كتبت بقرائات لي لسامي الموصلي كتبها في الثمانينات والتسعينات من
القرن الماضي وجعل الفلسفة فيها ملكا للجميع رغما عن انوف كل الفلاسفة المتعالين
على فكر الجمهور لكنني انتبهت لجمله لم افهم مقصدك منها
عذراً يا سيد . الملاح إستقرائي هذا ليس تلخيصاً ذاتياً لقصة الفلسفة التي صاغها وول ديورانت ، لا مطلقاً فهذه رؤية أخرى تتلقف الفكر الفلسفي إبان ولادته عند اليونان
ـ قبل أن يتصل الفكر بعظمائه الثلاث ـ الفلسفة هي ملك لمن أراد أن يمرّن عقله و حتى الفلسفة الغامضة كفلسفة هيجل مثلاً رغم صعوبتها إلا أنها تمّرن العقول كما تمّرن الرياضة الجسد ..
ما قصدته بالعبارة التي اقتبستها أن انكسمينس لم يثرينا بدراسات تستحق التساؤل و لا قدرة له على إستفزاز من يخلفه بيد أن الفيثاغورين حينما تبعوه لم يأخذوا من أقواله و نظرياته شيئاً ، و مالوا للعدد و الكم و هذا ما سيتضح لو اكملت ..
و لا أنكر أن الفلسفة عملية تراكمية كل عالم أو فيسلوف يأخذ من أساتذته و يضيف على نظرياتهم ما يصبغ به ذاتيته و الدليل أن كل فيلسوف كان تلميذا لآخر يسبقه و هكذا ..
شكراً لك نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة و أهلاً بك

 


التعديل الأخير تم بواسطة سميراميس ; 05-11-2010 الساعة 03:12 AM.

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 03:21 AM   #6
أحمد الملاح
Banned

الصورة الرمزية أحمد الملاح

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 0

أحمد الملاح غير متواجد حاليا

افتراضي


اقتباس:
عذراً يا سيد . الملاح إستقرائي هذا ليس تلخيصاً ذاتياً لقصة الفلسفة التي صاغها وول ديورانت
لم اكن لانتظر اتمامك لباقي القصة لو كانت تلخيصا لما رواه ول ديورانت فقد قلت
اقتباس:
سانتظر اكمالك لباقي قصة الفلسفه اليونانية كما رايتها انت لا كما راها ول ديورانت
حقيقة ارى ما تكتبين يعطي لهذه الفلسفه بعدا اقرب للعقلانيه مما كنت اتصور
ما قصدته ان القصه يرويها اكثر من راوي كل من وجهة نظره مما يعطينا
صفة المراقب الحر او المتابع لما يحدث كما ان الاشياء تبدو غير ما هي
عليه اذا نظرنا اليها من زوايا مختلفه هذا ان كانت هي الاشياء نفسها
وليست انعكاساتها على صفحة الفكر كما يحصل للقاطنين داخل كهف افلاطون
استمري يا شاميرام وعذرا للمقاطعه

 

أحمد الملاح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 08:26 PM   #7
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي



الفيثاغوريون أطلق عليهم هذا الاسم نسبة لـ " فيثاغورس " ، و قد اجمعوا في " كروتونا " و انشئوا الجمعية الفيثاغورية التي تعهّدها فيثاغورس بنفسه و لم تكن فلسفية في أول أمرها بل كانت تهتم بالإصلاح الديني بالمقام الأول و النزعة الأخلاقية ، و كان روادها يرتدون رداء أبيض كشعار لهم و قد آثروا في عيشتهم التقشّف و حياة الخشونة لأن الجسد بالنسبة لهم ليس إلاّ سجناً حُبست به الروح ، لذا ينبغي أن يتم كسر أغلاله و تحطيم القيود لكي تخرج هذه الروح حرة طليقة هذا بالوقت نفسه الذي نهوا به عن الإنتحار كإطلاق للروح المحبوسة لأن الإنسان ملك لله فلا يعقل أن تزهق روحه لمجرد أنها مسجونة في جسد ..
هنا وقعت أنا كقارئة لثمة لُبس من قبل المؤلفين إذ أنهم ذكروا في أول الأمر أن الفيثاغورين يتقشفّون بحياتهم ، ثم بعد ذلك ذكروا بأن الإنسان مطالب لكسر الحواجز و الأطواق المتعبة التي تحبس روحه ! و هذا تعارض
و لا يمكن أن تلتم ثنوية الحرية و التقشّف بنظري !

و مما حدا بفيثاغورس لأن ينشئ هذه الجمعية بالمقام الأول كان السبب أخلاقي لتهذيب الناس و تعليمهم كيف أن يثوروا بوجه المستبّد ، فقد عانى فيثاغورس من وطأة حكم " بوليكراتس " حاكم ساموس وطن فيثاغورس الأصلي و كان يسوم أهلها العذاب و ينكّل بهم أشد التنكيل مما حدا بفيثاغورس منذ بداية فكرته هذه أن يسعى لأن يعيد صياغة العقود الاجتماعية المنتشرة حينذاك و ذلك بإعادة عجن عقليات الناس لكي تدرك مالها و ما عليها .. فالسلبية تجاه الحكّام و تسليمهم كل الزمام تصرف لم يقرّه فيثاغورس كما أنه لم يصرّح برغبته للثورة
بل صبغ جمعيته هذه بصبغة أخلاقية دينية في أول الأمر ، و بالرغم من ذلك فقد تمت ملاحقة أتباع هذه الجمعية و التنكيل بأفرادها حتى فرقتهم حكومة كروتونا ثم عادوا و اجتمعوا مجدداً لأن هدفهم أخلاقي اجتماعي بالمقام الأول ، و قد جعلوا التكفير عن خطيئة الدنس و النفس يكون بالإعتكاف على قراءة الكتب و الفلسفة و تمرين العقول بالقراءة و هكذا ألفت العديد من المؤلفات في الفلسفة كون التأليف و الإقبال على العلم و الفكر اعتبر تكفيرا عن الأدران و الدنس ..

الفيثاغوريون هم الذين جعلوا أصل مادة الكون يتعلق بالكم ، لا الكيف ! فقد جعلوا من الأعداد ماهية رئيسية لهذا الأصل .. و هم القائلون بأن الإقبال على الفكر و فلسفته طقس من طقوس التكفير عن الأخطاء لأن الإنسان إذا ما اشتغل في النشاط العقلي و تعشقّها فإنه بالتالي يهمل الجسد و لذائذه و ما قد يجرّه للخطايا نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة – لا أدري لِمَ اعتقدوا هكذا بالوقت الذي جاءنا به من بعدهم العلم بتوثيق أن العلم هم المصرّف الحقيقي لرغبات الجسد بموضعها الصحيح و وقتها الصحيح ـ أخيراً مع الفيثاغوريين نلمح أنهم ساهموا مشكورين بنقل المادية اليونية
و حركوها بخطوات واضحة لمحاولة التفكير المجرّد الذي لا يقوم لا على الحس و لا على المادة ..
فبعد أن كانت تساؤلات فلاسفة اليونية عن أصل المادة للكون متعلقة بالمحسوسات من حولهم من ماء أو هواء أو غيره، جاءت الفلسفة الفيثاغورية لتسوق لنا أن أصل الوجود في الكون يتعلق بالأعداد و بالكون لا بالكيف
و غالوا بذلك كثيراً حتى ضروب العدالة و أنماط المجتمع رسموها بالأعداد من ذلك ضربهم للعدل مقياس 2x2=4 أي التوازن لابد منه لتحقيق العدالة و ليأخذ كل شخص حقه .. و قدسوا قاعدة 1+2+3+4 لأنهم بنظرهم الأرقام الأربعة الأولى التي تعطي مجموع الأرقام عشرة و رمزوا لها بشكل هرمي
.
..
...
....
فالمدرسة الفيثاغوية جعلت من العدد أساسا للكون و مرجعاً له ، فكل ما تقع عليه عينك مركّب من أعداد .. و قد ساهمت هذه المدرسة بآراء رائعة في الرياضيات و الفلك و مما يذكر أن كوبرنيكس قد استفاد من نظرياتهم إبان قوله بكروية الأرض ... و قبل أن انهي رؤيتي عن هذه المدرسة و بما أنني دوماً متحيّزة للنساء فلن أنسَ أن أقسى كما قسى التاريخ و نسي أن يذكر جهود العظيمة " ثيانو " التي برعت كثيراً في علم الأعداد و نافست الفيلسوف النسوي فيثاغورس و أين هي و أين هو في التراجم و الإنصاف ! سحقاً للتاريخ و ذكوريته :@




يتبع مع المدرسة الإيلية

 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2010, 08:32 PM   #8
عبدالعزيز رشيد
( شاعر وكاتب )

افتراضي


جميلة مواضيع الفلسفة ولو أنّها قليلة )": . على كلّ حال أجزم بأنّ هنالك مايستحقّ الوقوف عليه هنا وبانتظار ماسيأتي, وعلى طاري المراجع والكتب , أفضل كتاب_بالنسبة لي_ تكلّم عن الفلسفة وقصّتها بشكل سلس وسهل كتاب " قصّة الفلسفة" لويل ديورانت - وهو على ماعتقد صاحب كتاب "قصّة الحضارة" .

شكرا شاميرام.

 

عبدالعزيز رشيد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:17 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.